يقول حذيفة: أخبرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته -يعني: كان يستفسر عن كل شيء إلا أني لم أسأله ما يُخرج أهل المدينة من المدينة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام.
وبسنده حدثني أبو زيد يعني: عمرو بن أخطب قال: ((صلَّى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا)) يعني: الذي حفظ ذلك هو الذي صار أعلم القوم.
ثم ذكر الإمام مسلم بابًا آخر تحت عنوان: باب: الفتنة التي تموج كموج البحر، روى الإمام مسلم بسنده عن حذيفة، ما أغلب أحاديث الفتن عن حذيفة لماذا؟ لأنه كما رأيتم هو الذي حفظ أحاديث الفتن، والذين كانوا معه ماتوا، فكان كل ما يتذكر شيء من الفتن يُحدث به، فروى مسلم بسنده تحت هذا العنوان: "الفتنة التي تموج كموج البحر"، روى بسنده عن شقيق عن حذيفة قال: "كنا عند عمر -يعني: سيدنا عمر بن الخطاب- فقال عمر: أيُّكم يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة كما قال: يعني: قال فقلت: أنا قال عمر: إنك لجريء، وكيف قال -صلى الله عليه وسلم- قال: قلت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((فتنة الرجل في أهله، وماله، ونفسه، وولده، وجاره يُكفّرها الصيام، والصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)) فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد الفتن التي تموج كموج البحر، قال: فقلت: ما لك ولها يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، قال عمر: أفيُكسر الباب أم يُفتح يا حذيفة؟ قال حذيفة: قلت: لا، بل يُكسر، قال: ذلك أحرى ألا يُغلق أبدًا؛ لأنه لو فتح ممكن يغلق، إنما كُسر لا يغلق بعد كسره، قال: فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم مَن الباب؟ قال: نعم،