وقوة، فيبطل الله أمره بما يحدثه من آيات أكبر من فتنته بإنزال عيسى -عليه السلام- ليكون قوة للحق الذي يمثله المهدي حينئذٍ، ويتعاون كل من عيسى والمهدي، ومن ورائهما كتائب الإسلام على قتله، وإحباط أمره؛ فإذا قُتل الدجال انهزم اليهود الذين يقاتلون معه، وعددهم سبعون ألفًا، روى ذلك ابن ماجه، ثم يكشف الله أمرهم فلا يتوارى منهم يهودي وراء شيء إلا أنطق الله هذا الشيء فقال: ((يا عبد الله، يا مسلم هذا يهودي؛ فتعال اقتله))، وبهذا يقضى على أكبر فتنة من الفتن التي تحدث في الأرض، ثم يأخذ عيسى في العمل على محو النصرانية التي ارتكبت كل الحماقات باسمه أي: باسم عيسى، ويعمل عيسى للتمكين لدين الحق، دين الإسلام.
ثم قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيكون عيسى في أمتي حكمًا عدلًا، وإمامًا مقسطًا يدقُّ الصليب يعني: يكسر الصليب، ويذبح الخنزير يعني: يقتله، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة، ولا بعير، وتُرفع الشحناء، ويُرفع التباغض، وتنزع حَمَة كل ذي حُمَةٍ، يعني: السموم التي في الأفاعي تنزع منها؛ حتى يُدخل الوليد يده في الحية فلا تضره، وتفرُّ الوليدة الأسد فلا يضرها، يعني: البنت الصغيرة تُهيج الأسد لا يضرها ذلك الأسد، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملؤ الأرض من السلم كما يملؤ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يُعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتُسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة تُنبت نباتها بعهد آدم.
وبهذا يتحقَّق وعد الله من إظهار الإسلام وإعلائه على الدين كله، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (الفتح: 28)، ثم يحدث بعد ذلك النقصان، ولا يزال الناس يبتعدون عن الدين شيئًا فشيئًا حتى يرتدُّون عن دينهم، فتقوم الساعة وهم على ما هم