وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) وقوله (?) (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) . فأنكر سبحانه على من ظن هذا الظن ونزّه سبحانه نفسه عنه فدل على أنه مستقر في الفطر والعقول السليمة أن هذا لا يكون ولا يليق بحكمته وعزّته
وإلاهيته لا إله إلا هو تعالى عما يقول الجاهلون علوا كبيراً. وقد فطر الله عقول عباده على استقباح وضع العقوبة والانتقام في موضع الرحمة والإحسان فإذا وضع العقوبة موضع ذلك استنكرته فطرهم وعقولهم أشد الاستنكار واستهجنته أعظم الاستهجان. وكذلك وضع الإحسان والرحمة والإكرام موضع العقوبة والانتقام
كما إذا جاء من يسيء إلى العالم بأنواع الإساءة في كل شيء من أموالهم وحريمهم
ودمائهم فأكرمه غاية الإكرام ورفعه وكرمه، فإن الفطر والعقول تأبى استحسان هذا وتشهد على سفه من فعله. هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها، فما للعقول والفطر لا تشهد حكمته البالغة وعزته وعدله في وضع عقوبته في أولى المحال بها
وأحقها بالعقوبة، وأنها لو أوليت النعم لم تحسن بها ولم تلق، ولظهرت مناقضة الحكمة كما قال الشاعر:
نعمة الله لا تعاب ولكن ... ربما استقبحت على أقوام.
هذا ما قرره ابن القيم بحماس متدفق ضد هذا الاعتراض المريض المتلخص: أن
في هذه العقوبة حماية للمجتمع من ضرر هذه الجريمة، واهتماماً بتهذيب المجرم
وتطهيره مع إبداء كمال المناسبة بين الجريمة والعقاب.
ويطيب لي في هذا المقام أن أذكر ما أوضحه الأستاذ عبد الكريم زيدان،
في تفنيد هذا الاعتراض ونقضه فقال (?) :
(أما صيرورة المقطوع عالة على المجتمع فهذا إذا. كان صحيحاً فمن الصحيح