ومنها أنه يحرم حلاوة الطاعة، فإذا فعلها لم يجد أثرها في قلبه من الحلاوة والقوة ومزيد الإيمان والعقل والرغبة في الآخرة، فإن الطاعة تثمر هذه الثمرات ولا بد.
ومنها أن تمنع قلبه من ترحله من الدنيا ونزوله بساحة القيامة، فإن القلب لا يزال مشتتاً مضيعاً حتى يرحل من الدنيا وينزل في الآخرة فإذا نزل فيها أقبلت إليه وفود التوفيق والعناية من كل جهة، واجتمع على جمع أطرافه وقضاء جهازه وتعبئة زاده ليوم معاده، ما لم يترحل إلى الآخرة ويحضرها فالتعب والعناء والتشتت والكسل والبطالة لازمة له لا محالة.
ومنها إعراض الله وملائكته وعباده عنه فإن العبد إذا أعرض عن طاعة الله واشتغل بمعاصيه أعرض الله عنه فأعرضت عنه ملائكته وعباده، كما أنه إذا أقبل على الله أقبل الله عليه وأقبل بقلوب خلقه إليه.
ومنها أن الذنب يستدعي ذنباً آخر ثم يقوى أحدهما بالآخر فيستدعيان ثالثاً،
ثم تجتمع الثلاثة فتستدعي رابعاً وهم جرا حتى تغمره ذنوبه وتحيط به خطيئته، قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها. ومنها علمه بفوات ما هو أحب إليه وخير له منها من جنسها وغير جنسها، فإنه لا يجمع الله لعبده بين لذة المحرمات في الدنيا ولذة ما في الآخرة. كما قال الله تعالى (?) : (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) ، فالمؤمن لا يذهب طيباته في الدنيا، بل لا بد أن يترك بعض طيباته للآخرة. وأمّا الكافر فإنه لا يؤمن بالآخرة فهو حريص على تناول حظوظه كلها وطيباته في الدنيا.