نفسه إلى نظيرها إن لم يقض منها وطراً، أو إلى غيرها إن قضى وطره، منها، وما يعجز عنه من ذلك أضعاف أضعاف ما يقدر عليه، وكلما اشتد نزوعه وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه. فيا لها ناراً قد عذب بها القلب في هذه الدار قبل نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة.
ومنها فقره بعد غناه فإنه كان غنياً بما معه من رأس مال الإيمان وهو يتجر به ويربح الأرباح الكثيرة، فإذا سلب رأس ماله أصبح فقيراً معدماً فإما أن يسعى بتحصيل رأس مال آخر بالتوبة النصوح والجد والتشمير (أولا) فقد فاته ربح كثير بما أضاعه من رأس ماله.
ومنها نقصان رزقه، فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه.
ومنها ضعف بدنه.
ومنها زوال المهابة والحلاوة التي لبسها بالطاعة فتبدل بها مهانة وحقارة. ومنها حصول البغضة والنفرة منه في قلوب الناس.
ومنها ضياع أعز الأشياء عليه وأنفسها وأغلاها وهو الوقت الذي لا عوض منه، ولا يعود إليه أبداً.
ومنها طمع عدوه فيه وظفره به، فإنه إذا رآه منقاداً مستجيباً لما يأمره اشتد طمعه فيه وحدث نفسه بالظفر به وجعله من حزبه حتى يصير هو وليه دون مولاه الحق.
ومنها الطبع والرين على قلبه، فإن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن أذنب ذنباً آخر نكت فيه نكتة أخرى ولا تزال حتى تعلو قلبه، فذلك هو الران قال الله تعالى (?) : (كلاّ بل ران على قلوكم ما كانوا يكسبون) .