أعلمهم بحدود الأسماء التي علق بها الحل والحرمة. والأسماء التي لها حدود في كلام

الله ورسوله ثلاثة أنواع:

نوع له حد في اللغة: كالشمس والقمر والبر والبحر والليل والنهار. فمن حمل هذه الأسماء على غير مسماها أو خصها ببعضه أو أخرج منها بعضه فقد تعدى حدودها.

ونوع له حد في الشرع: كالصلاة والصيام والحج والزكاة والإيمان والإسلام والتقوى ونظائرها فحكمها لتناولها في مسمياتها الشرعية كحكم النوع الأول في تناوله لمسماه اللغوي.

ونوع له حد في العرف: لم يحده الله ورسوله بحد غير المتعارف. ولا حد له في اللغة كالسفر والمرض المبيح للترخص والسفه والجنون الموجب للحجر والشقاق

الموجب لبعث الحكمين والنشوز المسوغ لهجر الزوجة وضربها والتراخي المسوغ لحل التجارة والضرار المحرم بين المسلمين. وأمثال ذلك. وهذا النوع في تناوله

لسماه العرفي كالنوعين الآخرين في تناولها لمسماها. ومعرفة حدود هذه الأسماء

ومراعاتها مغن عن القياس غير محوج إليه وإنما يحتاج إلى القياس من قصر في هذه

الحدود، ولم يحط بها علماً. ولم يعطها حقها من الدلالة. مثاله: تقصير طائفة من الفقهاء في معرفة حد الخمر حيث خصوه بنوع خاص من المسكرات. فلما احتاجوا إلى تقرير تحريم كل مسكر سلكوا طريق القياس. وقاسوا ما عدا ذلك النوع في التحريم عليه. فنازعهم الآخرون في هذا القياس. وقالوا: لا يجري في الأسباب وطال النزاع بينهم. وكثر السؤال والجواب. وكل هذا من تقصيرهم في معرفة حد الخمر. فإن صاحب الشرع قد حده بحد يتناول كل فرد من أفراد السكر فقال (كل مسكر خمر) فأغنانا هذا الحد عن باب طويل عريض كثير التعب من القياس وأثبتنا التحريم بنصه لا بالرأي والقياس) .

فنرى ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا يقرر مذهب الجمهور ويبيّن أنه هو عين

ما حده رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (كل مسكر خمر) . ويشدد النكير على من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015