(ثم هو عقوبة في محل الجناية، فإن حصلت بلسانه، فكان أولى بالعقوبة فيه وقد رأينا الشارع قد اعتبر هذا حيث قطع يد السارق فإنه حد مشروع في محل الجناية) .
تعقب الجمهور لهذا الاستدلال:
ثم يذكر ابن القيم تعقب الجمهور لذلك فيقول (?) :
(وأما قولكم (إن العقوبة تكون في محل الجناية) فهذا غير لازم- كما في عقوبة الشارب والزاني، وقد جعل الله سبحانه عقوبة هذه الجريمة على جميع البدن دون اللسان، وإنما جعل عقوبة اللسان بسبب الفسق الذي هو محل التهمة، فإذا أزال الفسق بالتوبة فلا وجه للعقوبة بعدها) .
والذي أقطع به أن هذا تنظير في مقابلة النص فإن الآية الكريمة نصت على أن عقوبة القاذف الحسية هي جلده ثمانين جلدة. والجلد للقاذف عقوبة في غير محل الجناية، إذ محلها اللسان بينما الجلد في الظهر. وأما رد شهادته فهي عقوبة معنوية أو بما يسمى في الاصطلاح الحادث (فقد اعتبار) فكيف يتم التنظير بقطع يد السارق فافترقا إذاً.
ولابن القيم رحمه الله تعالى بحث مستفيض على اعتراض نفاة المعاني من قولهم أن الشارع جاء بالتفريق بين المتماثلين. ومن بينها إيرادهم هذا التنظير. وقد تعقبه ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (أعلام الموقعين) (?) .
هذا هو القول الأول وما وسع ابن القيم من ذكر الأدلة له ومناقشتها. ولننتقل إلى ما ذكره عن القول الثاني وأدلته ومناقشتها.