(قالوا ولأنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع، بل ركبها الله تعالى على النفرة منه حتى الحيوان البهيم فلم يكن فيه حد كوطء الميتة وغيرها.
قالوا: وقد رأينا قواعد الشريعة أن المعصية إذا كان الوازع عنها طبيعياً، اكتفى بذلك الوازع عن الحد، وإذا كان في الطباع ما يقتضيها جعل فيها الحد بحسب اقتضاء الطباع لها، ولهذا جعل الحد في الزنى والسرقة وشرب المسكر دون أكل الميتة والدم ولحم الخنزير.
قالوا: وطرد هذا: أنه لا حد في وطء البهيمة ولا الميتة، وقد جبل الله سبحانه وتعالى الطباع على النفرة من وطء الرجل رجلاً مثله أشد نفرة، كما جبلها على النفرة من استدعاء الرجل من وطؤه بخلاف الزنى فإن الداعي فيه من الجانبين) .
تعقب هذا الدليل:
ثم أن ابن القيم رحمه الله تعالى تعقب هذا القياس بالإبطال له أصلاً وذلك بالقادح المسمى فساد الاعتبار حيث أنه قياس في مقابلة النص. ثم بإبطال القياس نفسه إذ هو قياس مع وجود الفارق إذ أن الزاجر الطبيعي عن إتيان الأتان أقوى من الزاجر الطبيعي عن التلوط.
وفي بيان هذا يقول رحمه الله تعالى (?) :
(وأما قولكم: أنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع، بل ركب الله الطباع على النفرة منه فهو كوطء الميتة والبهيمة، فجوابه من وجوه:
أحدهما: أنه قياس فاسد الاعتبار مردود بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
والثاني: أن قياس وطء الأمرد الجميل الذي فتنته تربوا على كل فتنة، على وطء أتان أو امرأة ميتة من أفسد القياس، وهل يعدل ذلك أحد قط بأتان أو بقرة