أغنى عنهم ما كانوا يكسبون، فقلبت تلك اللذات آلاماً، فأصبحوا بها يعذبون.
مآرب كانت في الحياة لأهلها ... عِذاباً فصارت في الممات عَذاباً.
ذهبت اللذات، وأعقبت الحسرات، وانقضت الشهوات، وأورثت الشقوات
تمتعوا قليلاً، وعذبوا طويلاً، رتعوا مرتعاً وخيما، فأعقبهم عذاباً أليماً، أسكرتهم خمرة تلك الشهوات، فا استفاقوا منها إلا في ديار المعذبين، وأرقدتهم تلك الفعلة
فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين، فندموا والله أشد الندامة حين لا
ينفع الندم، وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم.
فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة، والنار تخرج من منافذ وجوههم
وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم، وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم.
ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون، ذوقوا ما كنتم تكسبون (?) (اصلوها
فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليم إنما تجزون ما كنتم تعملون) .
ولقد قرّب الله مسافة العذاب بين هذه الأمة وبين إخوانهم في العمل فقال
مخوفاً لهم أن يقع الوعيد (?) (وما هي من الظالمين ببعيد) .
فيا ناكحي الذكران يهنيكم البشرى ... فيوم معاد الناس إن لم أجرا
كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وأبشروا ... فإن لكم زفاً إلى الجنة الحمرا.
فإخوانكم قد مهدوا الدار قبلكم ... وقالوا، إلينا عجلوا لكم البشرى
وها نحن أسلاف لكم في انتظاركم ... سيجمعنا الجبار في ناره الكبرى
فلا تحسبوا أن الذين نكحتموا ... يغيبون عنكم بل ترونهم جهراً
ويلعن كلاً منكم لخليه ... ويشقى به المحزون في الكرة الأخرى
يعذب كلاً منهما بشريكه ... كما اشتركا في لذة توجب الوزرا