وَإِذا كَانَ عِنْدهم عقلا متجردا من الْمَادَّة لم يخف عَنهُ شَيْء لِأَن الْمَانِع لنا من إِدْرَاك الْأَشْيَاء إِنَّمَا هُوَ الْمَادَّة
وَمن ذَلِك قَوْلهم إِن الْعَاقِل وَالْعقل والمعقول مِنْهُ شَيْء وَاحِد وَكَذَلِكَ الْعَالم وَالْعلم والمعلوم وَشَيْء وَاحِد فذاته عِنْدهم عقل وَعلم فَكيف يتَوَهَّم على من ذَاته عقل وَعلم أَنه يغيب عَنهُ شَيْء
وَمن ذَلِك قَوْلهم إِن الْغَرَض فِي الْعلم الْقرب من الله تَعَالَى فِي الصِّفَات وَقَوْلهمْ فِي حد الفلسفة إِن مَعْنَاهَا التَّشَبُّه بِاللَّه تَعَالَى بِمِقْدَار طَاقَة الْإِنْسَان فصح بِهَذَا أَنه تَعَالَى الْعَالم على الْإِطْلَاق وَأَن علمه هُوَ الْعلم على الْإِطْلَاق
وَمن ذَلِك قَول أفلاطون فِي كتاب طيماوس حِين تكلم فِي العوالم الْعَالِيَة فَذكر فَضلهَا ثمَّ قَالَ وَهَذَا لَيْسَ لنا فِي عالمنا هَذَا بل لَو عَسى أَنا فِي العوالم الْعَالِيَة إِذا نَحن تهذبنا فجزنا الأفلاك التِّسْعَة وحركاتها بتطلعنا وجزنا عَالم النَّفس بتهذيبنا حَتَّى نحل فِي عَالم الْعقل الَّذِي