قد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب شرح قَوْلهم إِن الْأَعْدَاد دوائر وهمية عِنْد شرح قَول أرسطو إِن البارئ تَعَالَى عِلّة الْأَشْيَاء على أَنه فَاعل لَهَا وعَلى أَنه غَايَة لَهَا وعَلى أَنه صُورَة لَهَا وَذكرنَا أَنه لم يرد الصُّورَة الَّتِي هِيَ شكل وتخطيط وَلَا الصُّورَة الَّتِي هِيَ النَّوْع لِأَنَّهُ لَا يُوصف بالصورة وَقُلْنَا إِن معنى ذَلِك أَن وجود غَيره لما كَانَ مقتبسا من وجوده صَار من هَذِه الْجِهَة كَأَنَّهُ صُورَة للموجودات إِذْ كَانَت إِنَّمَا تُوجد بِوُجُودِهِ كَمَا يُوجد المصور بصورته وَصَارَ وجوده كالجنس الَّذِي يجمع الْأَنْوَاع والأشخاص وَإِن كَانَ البارئ تَعَالَى يتنزه عَن أَن يُوصف بِجِنْس أَو نوع أَو شخص وَلكنه تَمْثِيل وتقريب لَا حَقِيقَة فَيصير الْمَعْلُوم أَيْضا من هَذِه الْجِهَة وَاحِدًا
أَن الْإِنْسَان لَا يعلم الْأَشْيَاء بِذَاتِهِ وجوهره وَلَو علمهَا بذلك لكَانَتْ ذَاته عَالِمَة أبدا وَلم يحْتَج إِلَى اكْتِسَاب الْعلم وَإِنَّمَا يعلم الْأَشْيَاء