الْبَاب السَّادِس فِي شرح قَوْلهم إِن البارئ تَعَالَى لَا يعلم إِلَّا نَفسه
هَذَا القَوْل عصمنا الله وَإِيَّاك من الزلل قد أوهم كثيرا من النَّاس أَنهم أَرَادوا بِهِ أَنه غير عَالم بِغَيْرِهِ
واستعظم قوم مِنْهُم أَن يصفوه بِهَذِهِ الصّفة فزعموا أَنه عَالم بالكليات غير عَالم بالجزيئات
وَزعم آخَرُونَ أَنه عَالم بِعلم الكليات والجزيئات بِعلم كلي
وَهَذَا القَوْل الثَّالِث أقرب أَقْوَالهم إِلَى الْحق وَإِن كَانَ فِيهِ مَوضِع للتعقب وَأما الْقَوْلَانِ الْآخرَانِ فقد اجْتمع فيهمَا الْخَطَأ الْفَاحِش وَالْجهل بِصِفَات البارئ جلّ جَلَاله وَسُوء التأول لكَلَام القدماء من الفلاسفة
وَيجب علينا أَولا أَن نبين معنى قَول الفلاسفة الْمُتَقَدِّمين إِن البارئ