فَكَمَا أَن الْوَاحِد عِلّة لوُجُود الْعدَد وَلَيْسَ من الْعدَد فَكَذَلِك البارئ جلّ جَلَاله عِلّة لوُجُود الْعَالم وَلَيْسَ من الْعَالم
وكما أَن الْوَاحِد لَو توهم ارتفاعه وَعَدَمه لارتفعت الْأَعْدَاد كلهَا وعدمت فَكَذَلِك البارئ تَعَالَى لَو ارْتَفع وَعدم لم يكن شَيْء مَوْجُودا
وكما أَن الْأَعْدَاد كلهَا لَو ارْتَفَعت لم يُوجب ارتفاعها عدم الْوَاحِد كَذَلِك الموجودات كلهَا لَو ارْتَفَعت لم يُوجب ذَلِك ارْتِفَاع البارئ تَعَالَى
فَثَبت بِهَذَا أَن البارئ عز وَجل غَنِي عَن الْعَالم والعالم مفتقر إِلَيْهِ
وكما أَن وجود الْوَاحِد وجود مُطلق أَعنِي أَنه لَا يحْتَاج فِي وجوده إِلَى غَيره وَوُجُود الْأَعْدَاد كلهَا وجود مُضَاف أَعنِي أَنَّهَا غير مُسْتَقلَّة بأنفسها فِي وجودهَا لِأَن وجودهَا بِوُجُود الْوَاحِد وَكَذَلِكَ البارئ تَعَالَى وجود مُطلق لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج فِي وجوده إِلَى غَيره وَوُجُود الموجودات كلهَا وجود مُضَاف لِأَن وجودهَا مقتبس من وجوده فائض عَنهُ
وكما أَن الْأَعْدَاد كلهَا اقتبست الْوُجُود من الْوَاحِد من غير حَرَكَة وَلَا زمَان وَلَا مَكَان وَلم يحْتَج الْوَاحِد فِي إيجادها إِلَى شَيْء آخر غير ذَاته