وقرأها الباقون: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ نصبا، غير أنّ ابن كثير وأبا عمرو خفّفا الكاف وشدّدها الباقون (?).

قال أبو علي: قوله تعالى (?): أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى لا يكون متعلقا بقوله: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ [البقرة/ 282] ألا ترى أنّك لو قلت: استشهدوا شهيدين من رجالكم أن تضلّ إحداهما؛ لم يسغ، ولكن تتعلق أن بفعل مضمر دلّ عليه هذا الكلام، وذلك أنّ قوله: فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان يدلّ على قولك:

فاستشهدوا رجلا وامرأتين؛ فتعلّق أَنْ إنّما هو بهذا الفعل المدلول عليه من حيث ذكرنا.

وقال أبو الحسن في قوله تعالى (?): فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ [البقرة/ 282] التقدير: فليكن رجل وامرأتان، وهذا قول حسن، وذاك أنّه لما كان قوله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما لا بدّ من أن يتعلق بفعل، وليس في قوله: فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، شيء يتعلق به أن جعل المضمر فعلا ترتفع النكرة به، ويتعلق به المصدر، وكان هذا أولى من تقدير إضمار المبتدأ الذي هو: ممن (?) يشهد رجل وامرأتان. لأنّ المصدر الذي هو أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما لا يجوز أن يتعلق به لفصل الخبر بين الفعل والمصدر. فإن قلت: من أيّ الضربين تكون كان المضمرة في قوله، هل تحتمل أن تكون الناصبة للخبر أو تكون التامّة؟. فالقول في ذلك: أن كلّ واحد منهما يجوز أن يقدّر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015