تقديره: من بين رجل أثرى ورجل أقتر، فأقام الصفة مقام الموصوف. وفي التنزيل: ومن أهل المدينة مردوا على النفاق [التوبة/ 101] فيجوز أن يكون على قبيل مردوا على النفاق مثل قوله تعالى: ومن آياته يريكم البرق [الروم/ 24] فأما قتر يقتر ويقتر فمثل: فسق يفسق ويفسق، وعكف يعكف ويعكف، وحشر يحشر ويحشر، فمعنى لم يسرقوا: لم يخرجوا من إنفاقهم من السّطة والاقتصاد، [ومنه:
وقد وسطت مالكا (?).
من التوسط بين الشيئين] (?) ولم يقتروا: لم يمسكوا ولم ينقصوا عن الاقتصاد كما قال: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا [الإسراء/ 29].
فأمّا من ضمّ فقال: (لم يقتروا) فكأنّه أراد: لم يفتقروا في إنفاقهم، لأنّ المسرف مشف على الافتقار لسرفه في إنفاقه. فأمّا من قال: (لم يقتروا) أو لم يقتروا فمعناه: لم يضيّقوا في الإنفاق فيقصّروا عن التوسط، فمن كان في هذا الظرف (?) فهو مذموم، كما أنّ من جاوز الاقتصاد كان كذلك، ويبين هذا قوله: وكان بين ذلك قواما [الفرقان/ 67] أي كان إنفاقهم بين ذلك لا إسرافا يدخل به في حدّ التبذير، ولا تضييقا يصير به في حدّ المانع لما يجب.