وفي جاهه، وفي علمه، وفي نسبه. فإنّما صارا (?) نكرتين من أجل المعنى. فأمّا إذا كان شيء معرفة له ضد واحد وأردت إثباته ونفي ضده، وعلم ذلك السامع فوصفته بغير، وأضفت غيرا إلى ضده فهو معرفة، وذلك نحو (?) قولك: عليك بالحركة غير السكون، فغير السكون معرفة، وهي الحركة، فكأنك كرّرت الحركة تأكيدا، فكذلك قوله: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. فالذين أنعم عليهم لا عقيب لهم إلا المغضوب عليهم، فكل من أنعم عليه بالإيمان فهو غير مغضوب عليه، وكل من لم يغضب

عليه فقد أنعم عليه. فغير المغضوب عليهم هم الذين أنعم عليهم، فهو مساو له في معرفته. هذا الذي يسبق إلى أفئدة الناس وعليه كلامهم. فمتى كانت (غَيْرِ) بهذه الصفة وقصد بها هذا القصد، فهي معرفة.

وكذلك لو عرف إنسان بأنه مثلك في ضرب من الضروب، فقيل فيه: قد جاء مثلك لكان معرفة إذا أردت المعروف بشبهك، والمعرفة والنكرة بمعانيهما، فكل شيء خلص لك بعينه من سائر أمّته فهو معرفة.

ومن جعل (غَيْرِ) بدلا فقد استغنى عن هذا الاحتجاج، لأنّ النكرة قد تبدل من المعرفة. انتهت الحكاية عن أبي بكر.

قال أبو علي: قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قيل: إن المعنيّ بقوله: المغضوب عليهم اليهود، ويدلّ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015