وقال ابن الأنباري في (نزهة الألباء): إنه اجتمع هو وأبو علي الفارسي فجرى بينهما كلام، فقال لأبي علي: نتكلّم في كتاب سيبويه، فقال له أبو عليّ: بل نتكلم في الفصيح.
ويحكى أنه قال لأبي علي: كم للسيف اسما؟ قال: اسم واحد، فقال له ابن خالويه:
بل أسماء كثيرة، وأخذ يعدّدها نحو: الحسام، والمخذم، والقضيب ... فقال أبو علي:
هذه كلها صفات. (?)
ولم تكن منافسة ابن خالويه لأبي علي إلّا صدى لمنافسة أستاذه أبي سعيد السيرافي لأبي علي الفارسي، فقد كان أبو علي- كما يقول أبو حيان التوحيدي- «متقدا بالغيظ على أبي سعيد وبالحسد له، كيف تمّ له تفسير كتاب سيبويه من أوّله إلى آخره، بغريبه، وأمثاله، وشواهده، وأبياته، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لأن هذا شيء ما تمّ للمبرد، ولا للزجاج، ولا لابن السراج، ولا لابن درستويه مع سعة علمهم، وفيض كلامهم» (?).
ولمنزلة أبي سعيد السّيرافي في نفس تلميذه ابن خالويه أرسل إلى سيف الدولة ليعلمه تطاول الفارسيّ على السّيرافيّ، وهو تطاول غير محمود، لأن منزلة السّيرافي وبخاصة بعد هزيمة (متّى) المنطقي نسجت حوله ثوبا من القدسية والمهابة، فلا يليق بأبي علي أو غيره، أن ينال من هذه الشخصية التي أعلت لغة العرب، وذلّلت مصاعب كتاب سيبويه.
ولم يسكت الفارسي حينما علم خبر هذه الرقعة- فأرسل إلى سيف الدولة رقعة ينفي فيها عن نفسه التهمة، ويزيل اللّبس. ومن العبارات التي ضمتها رسالة الفارسي قوله: «من ذلك بعض ما يدل على قلة تحفظ هذا الرجل- يعني بذلك ابن خالويه فيما يقوله- هو قوله:
لو يبقى عمر نوح ما صلح أن يقرأ على السّيرافي مع علمه بأن (ابن بهراذ) السّيرافي يقرأ عليه الصبيان ومعلموهم، أفلا أصلح أن أقرأ على من يقرأ عليه الصبيان؟ هذا، مما لا خفاء فيه، كيف، وقد خلط فيما حكاه عنّي؟. وأني قلت: إنّ السيرافي قد قرأ عليّ. ولم أقل هذا، إنما قلت: تعلّم مني، أو أخذ منّي هو أو غيره ممّن ينظر اليوم في شيء من هذا العلم. وليس قول القائل: تعلّم منّي مثل قرأ عليّ، لأنه يقرأ عليه من لا يتعلّم منه، وقد يتعلّم منه من لا يقرأ عليه. وتعلّم ابن بهراذ السيرافي منّي في أيام محمد بن السّري وبعده