به، أو كما يقول في مقدمته:
«قاصد قصد الإبانة في اقتصار من غير إطالة ولا إكثار، جامع ذلك بلفظ بين جزل، ومقال واضح سهل، ليقرب على مريده، وليسهل على مستفيده» (?).
ومن حسن الحظ أن كتاب الحجة لابن خالويه أصدرته ونشرته دار الشروق ببيروت في أوائل أغسطس سنة 1971، وهو الآن يشق طريقه إلى عقول القراء، لأنه الكتاب الوحيد في المكتبة العربية الآن الذي يمكن للقارئ الرجوع إليه عند توجيه قراءة في مجال النحو واللغة من القراءات السبع.
وإلى أخي الفاضل الأستاذ العابد أقدم دليلا ملموسا من كلام ابن جنّى تلميذ الفارسي حول هذا الكتاب، ورأي ابن جني الذي امتص ثقافة أستاذه الفارسي في هذا المجال رأي لا يتسرّب إليه الشك أو الضعف لأنه شهادة على النفس، ولأن ابن جني من الفارسيّ بمثابة الروح من الجسد. يقول ابن جني في المحتسب: «فإن أبا علي رحمه الله عمل كتاب الحجة في القراءات فتجاوز فيه قدر حاجة القراء، إلى ما يجفو عنه كثير من العلماء» (?).
ويقول في موضع آخر: «وقد كان شيخنا أبو عليّ عمل كتاب الحجة في قراءة السبعة فأغمضه وأطاله حتى منع كثيرا ممن يدّعي العربيّة فضلا عن القراء، وأجفاهم عنه (?).
ألا يدل هذا على أنّ أبا علي الفارسي لم يكن رائده الإيجاز والاختصار كما يقول الناقد.
بل كان رائده التطويل الممل، والاستطراد المخلّ، والأسلوب المعقد كما أشار إلى ذلك تلميذه ابن جني.
وليقتنع الناقد الفاضل بما أقول فإليه هذا المثال من كتاب حجة الفارسي:
قال أبو علي في قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. «اختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها من قوله: ملك يوم الدين ثم يبين قراءة عاصم، وقراءة غيره وبعد ذلك ينقل عن أبي بكر محمد بن السرّي نصا يستدلّ فيه على أن «ملك» يجمع (مالكا) أي ملك ذلك اليوم بما فيه، ومالك إنما يكون للشيء وحده.
ولا يكتفي بهذا، بل ينقل حكاية عن عاصم الجحدري، وبعد ذلك ينقل رواية