وإذا نافس فإنه ينافس في مجالها، أما ما عدا ذلك من ألوان المعرفة كالطب والفلك، والمنطق والفلسفة، والحساب والهندسة، فهذه علوم لا تدخل في حساب المنافسة.
وقد أشرت إلى منافسته للفارسيّ وابن جنيّ، وغيرهما كما سبق بيانه في مجال الدراسات القرآنية.
(5) وقد قلت:
إنّ من أوضح أدلّة التوثيق لهذا الكتاب، ونسبته لابن خالويه تشابه أسلوبه ومنهجه مع مؤلفات ابن خالويه الأخرى، وهذا التشابه محصور في الإيجاز والاختصار، وموضوعات أخرى ذكرتها في بحثي، واستدللت عليها بنصوص لا تقبل الجدل، ولا تحتمل الشك.
ولكن الأخ الناقد لم يعجبه هذا التدليل فقال: «إن الأسلوب والمنهج الذي كان سائدا في عصر ابن خالويه لم يكن خاصا به بل كان عاما لدى الشخصيّات التي تتلمذ لابن مجاهد، وأبو عليّ الفارسي في كتابه لم يكن يتبع غير طريقة الإيجاز ولو نسبيا».
أقول:
لقد جعلني الناقد الفاضل أشك في أنه قرأ أو اطلع على كتاب الحجة للفارسي الذي طبع منه الجزء الأول بتحقيق أستاذنا النجدي ورفاقه، وقد أشار سيادته في نقده إلى هذا الجزء المطبوع.
من قال: إن أبا عليّ الفارسيّ في كتابه الحجة كان طابعه الإيجاز ولو نسبيا؟ إن هذا قول لا تطمئن إليه النفس وإليك الدليل:
إن الجزء الأول المطبوع من حجّة الفارسيّ يحتوي على 331 صفحة من القطع الكبير، ابتداء بفاتحة الكتاب، وانتهاء بقوله تعالى: عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آية 20 من سورة البقرة. أي أنّ هذا الجزء الضخم كله توجيه لقراءات الفاتحة، ولعشرين آية من سورة البقرة، فهل هذا إيجاز يا سيدي؟
إن الأساتذة المحققين أحسوا أن نشر كتاب الحجة للفارسي قد يصل إلى أربعين جزءا على غرار الجزء الأول مما يتطلّب وقتا طويلا، وعمرا مديدا، ومنذ ثلاث سنوات لم ير النور من كتاب الحجة للفارسي غير هذا الجزء الأول، مما دفعني دفعا قويّا إلى إخراج كتاب الحجة لابن خالويه، لأنه يقدم للقارئ خلاصة موجزة للاحتجاج النحوي واللغوي للقراءات السبع في أسلوب ممتع، وفي عرض يشرق على القارئ بهاؤه، ويستولي على نفسه جماله، وقد جعل الاختصار رائده ليحقق الهدف الأكبر من تأليفه، وهو انتفاع الناس