حتى منع كثيرا ممن يدّعي العربية. فضلا عن القرّاء، وأجفاهم عنه» (?).
وأما كتاب الحجة لابن خالويه، فإن ابن خالويه في حجته نهج نهجا آخر، نهجا يقوم على الرواية والسماع، فليست اللغة في نظره تؤخذ من المنطق، أو تقوم على الأقيسة كما كان يفعل أبو علي في الحجّة.
ولعل السرّ في تأليف الحجة لابن خالويه أنه أحسّ في مرارة أن كتاب أبي عليّ، لا ينتفع به الخاصة فضلا عن العامّة، فحفزه ذلك إلى تأليف كتابه في أسلوب سهل ممتع، وفي عرض يشرق عليك بهاؤه، ويستولي على نفسك جماله. وقد جعل الاختصار رائده ليتحقق الهدف الأكبر من تأليفه، وهو انتفاع الناس به أو كما يقول: «قاصد قصد الإبانة، في اختصار من غير إطالة ولا إكثار ... جامعا ذلك بلفظ بيّن جزل، ومقال واضح سهل، ليقرب على مريده، وليسهل على مستفيده (?).
ونحن نعيش في عصر السرعة، ومن متطلبات السرعة الصراحة والوضوح، صراحة الأفكار، ووضوح المعاني وتحديد الألفاظ، والوصول إلى الهدف من أقرب طريق وأيسر سبيل.
وكل ذلك تجده في الحجة متمثلا في كل صفحة من صفحاته بل في كل سطر من سطوره.
ولا أخفي سرا إذا قلت: إن هذا المنهج الذي التزمه ابن خالويه أعجبني وسحرني، أعجبني لأني استطعت أن أقف على كل مسائل الاحتجاج في وقت قصير، وسحرني لأنه يقدّم لي خلاصة مهذبة، واضحة المعالم، بيّنة السمات في قراءات القرآن الكريم، والاحتجاج بها.
فنحن إذا في أشد الحاجة إلى هذا الكتاب للوقوف على القراءات القرآنية في ضوء النحو واللغة من ناحية، ولأنه أقدم كتاب ظهر في القراءات السبع هو وحجة الفارسي من ناحية أخرى.