فاليوم قد بتّ تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيّام من عجب
(?) وليس في القرآن- بحمد الله- موضع اضطرار. هذا احتجاج البصريين.
فأمّا الكوفيون فأجازوا الخفض، واحتجّوا للقارئ بأنه أضمر الخافض، واستدلوا بأن (العجاج) (?) كان إذا قيل له: كيف تجدك؟ يقول: خير عافاك الله، يريد: بخير.
وقال بعضهم: معناه. واتقوه في الأرحام أن تقطعوها.
وإذا كان البصريون لم يسمعوا الخفض في مثل هذا ولا عرفوا إضمار الخافض فقد عرفه غيرهم، وأنشد:
رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الحياة من خلله
(?) أراد: وربّ رسم دار إلّا أنهم مع إجازتهم ذلك، واحتجاجهم للقارئ به يختارون النصب في القراءة.
قوله تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً (?). يقرأ بإثبات الألف، وطرحها. وهما لغتان، وأصل الياء فيهما واو، وقلبت ياء لكسرة ما قبلها كما قالوا: ميعاد وميزان.
فالحجة لمن أثبت الألف: أن الله تعالى جعل الأموال قياما لأمور عباده. والحجة لمن طرحها:
أنه أراد: جمع قيمة، لأن الأموال قيم لجميع المتلفات.
فإن قيل: فإن (التي) اسم واحد والأموال جمع، فقل: إن كلّ جمع خالف الآدميّين كان كواحده المؤنث، لأن لفظه وإن كان جمعا كلفظ الواحد. ومنه قوله: حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ (?). فإن قيل: فهلّا كان في التثنية كذلك؟ فقل: لما صح لفظ التثنية ومعناها اقتصروا فيها على لفظ واحد، ولما وقع الجمع بألفاظ في القلّة والكثرة اتسعوا فيه لاتساع معانيه.