[الْحَدِيثُ الثَّانِي] حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

[الطَّرِيقُ الأُولَى] الْقَاسِمُ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (8/178/7741) و «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (885) : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، انْقَلَبَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» .

قُلْتُ: هَذَا مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَهُ عِلَّتَانِ:

[الأولى] تفرد عثمان بن عبد الرحمن بهذا المتن

[الأُولَى] تَفَرُّدُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهَذَا الْمَتْنِ، مَعَ ضَعْفِهِ لِرِوَايَتِهِ الْمَنَاكِيْرَ عَنِ الْمَجَاهِيلِ، وَرُمِيَ بِالتَّدْلِيسِ (?) .

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ» (19/428/3838) : «عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، الْمَعْرُوفُ بِالطَّرَائِفِيِّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ طَرَائِفَ الْحَدِيثِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَرْوِي عَنْ قَوْمٍ ضُعَفَاءِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ ثِقَةٌ. وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوقٌ وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ إدْخَالَهُ فِي «كِتَابِ الضُّعَفَاءِ» ، يُشْبِهُ بَقِيَّةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: يُعْرَفُ بِالطَّرَائِفِيِّ وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ طَرَائِفَ الْحَدِيثِ، يَرْوِي عَنْ قَوْمٍ ضِعَافٍ، حَدِيثُهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يِنْسُبُهُ إِلَى الصِّدْقِ، وَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، مُتَعَبَّدٌ، وَيُحَدِّثُ عَنْ قَوْمٍ مَجْهُولِينَ بِالْمَنَاكِيْرِ. وَقَالَ أَيْضَاً: سَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: كَانَ الطَّرَائِفِيُّ يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ، وَهُوَ فِي الْجَزَرِيِّينَ كَبَقِيَّةَ فِي الشَّامِيِّينَ، لأَنَّ بَقِيَّةَ أَيْضَاً يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ.

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَصُورَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ كَمَا قَالَ أَبُو عَرُوبَةَ إِلاَّ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ قَوْمِ مَجْهُولِينَ بِعَجَائِبَ، وَتِلْكَ الْعَجَائِبُ مِنْ جِهَةِ الْمَجْهُولِينَ، وَهُوَ فِي أَهْلِ الْجَزِيرَةِ كَبِقَيَّةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَبَقِيَّةُ أَيْضَاً يُحَدِّثُ عَنْ مَجْهُولِينَ بِعَجَائِبَ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ لا بَأْسَ بِهِ، صَدُوقٌ، وَمَا يَقَعُ فِي حَدِيثِهِ مِنَ الانْكَارِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُمْ» .

وَفَاتَ الْحَافِظَ الْمِزِّيَّ قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» عَنْهُ: «يَرْوِي عَنْ أَقْوَامٍ ضِعَافٍ أَشْيَاءَ يُدَلِّسُهَا عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى إِذَا سَمِعَهَا الْمُسْتَمِعُ لَمْ يَشُكَّ فِي وَضْعِهَا، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهِ أُلْزِقَتْ بِهِ تَلِكَ الْمَوْضُوعَاتِ، وحمل على الناس فِي الجرح، فَلا يَجُوزُ عِنْدِيَ الاحْتِجَاجُ بِرِوَايَاتِهِ كُلِّهَا عَلَى حَالَةٍ مِنَ الأَحْوَالِ لِمَا غَلَبَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَنَاكِيْرِ عَنِ الْمَشَاهِيْرِ، وَالْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ» .

قُلْتُ: وَأَوْجَزُ الأَقْوَالِ وَأَعْدَلُهَا: قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ «التَّقْرِيبِ» (2/11) : صَدُوقٌ، أَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ، فَضُعِّفَ بِسَبَبِ ذَلِكِ. فَمِثْلُهُ لا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا تَفَرَّدَ، فَكَيْفَ إذَا خَالَفَ؟! ، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَأْتِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015