والخِطْبَةِ؛ وذلك لأنَّ المسألةَ عندَهم ظاهرةٌ في أنَّ الأصلَ في النساءِ الحرائرِ السَّتْرُ والعفافُ وتغطيةُ الوجهِ، وكان كلامُهم كلُّه في الأبوابِ المستَثْناةِ من هذا الأصلِ المستقِرِّ؛ قال الإمامُ محمَّدُ بنُ عليٍّ المَوْزَعِيُّ الشافعيُّ في «تفسيرِه»: «والسلفُ كمالِكٍ والشافعيِّ وأبي حنيفةَ وغيرِهم لم يتكلَّمُوا إلا في عورةِ الصلاةِ»، ثم قال: «وما أظُنُّ أحداً منهم يبيحُ للشابَّةِ أن تكشِفَ وجهَها لغيرِ حاجَةٍ، ولا يبيحُ للشابِّ أن ينظُرَ إليها لغيرِ حاجةٍ» (?). انتهى.

ولو كان الأصلُ في النساءِ السفورَ، لكان بحثُ المسألةِ عندَهم استقلالاً آكَدَ وأوجَبَ مِن بحثِها تبعاً، فهُمْ لم يَبْحَثُوها إلا عندَ الحاجةِ لضِدِّ الأصلِ وخلافِه، وهو الكشفُ في الصلاةِ، والنِّقابُ في الحجِّ، والمعاملاتِ والخصوماتِ والعقودِ وشِبْهِها؛ لأنَّها في هذه الأبوابِ تنتقِلُ المرأةُ عنِ الأصلِ؛ فاحتاجَ للتأكيدِ، وقد نُسِبَ إلى هؤلاءِ الأئمةِ أقوالٌ لا تُعْرَفُ عنهم، ولم ينطِقُوا بها، وأُلْزِمُوا بلوازِمَ لا تَلْزَمُهم، حتَّى نُسِبَ إليهم القولُ بإباحةِ كشفِ المرأةِ لوجهِها عندَ الأجانبِ؛ وُجِدَتِ الفتنةُ أو لم توجَدْ!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015