اليَدَ اختصاراً ليدخُلَ فيها زينَتُها مِن الخاتَمِ والخضابِ والسِّوَارِ، ولا يَعْنُون الوجهَ بذاتِه، ولا اليدَ بذاتِها؛ ومَن نظَرَ في مجموعِ تفسيرِهم، أدرَكَ ذلك يقيناً.
ومِن المهمِّ بيانُه: أنَّ تفسيرَ الصحابةِ للزِّينةِ الظاهرةِ مِن بابِ شِدَّةِ العفافِ وغايةِ الاحتشامِ، والسترِ الذي هم عليه؛ ولا يظهر أنَّهم يُحَرِّمون على المرأةِ أن تُبْدِيَ شعرَها ويديها عندَ محارمِها، فهذا الذي خففت به الشريعةُ، وهو الذي نعتقِدُ، ولكنَّ المرادَ مِن بيانِ أقوالِهم ووضعِها في مواضعِها وسياقاتِها التي أوْرَدُوها فيها: أنَّ المعاصِرِين لمَّا بعَّدَ الزمانُ والواقعُ بينهم وبين ذلك الجيلِ، وضَعُوا أقوالَهم في غيرِ موضعِها، ولم تتصَوَّرْها نفوسُهم إلا كذلك؛ فكانت أقوالُ السلفِ في بيانِ الحكم احتياطاً، ثم وُضِعَت في غير موضعِها تفريطاً.
الوجهُ الثالثُ: أنَّ اللهَ رخَّصَ في الآيةِ الخامسةِ مِن آياتِ الحجابِ للقواعِدِ أنْ يضَعْنَ ثيابَهُنَّ فقال: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 60].
واتَّفق المفسِّرُون مِن الصحابةِ والتابعينَ أنَّ الثيابَ التي رخَّصَ اللهُ بوضعِها للعجوزِ هي الجلابيبُ؛ جاء بسنَدٍ