قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (?) .. فمن خالف سبيل الأمّة في إجماعها على أمر من الأمور؛ فقد شاق الرسول صلى الله عليه وسلم وأهلك نفسه بلحوق الوعيد الشديد به.
لقد اتّفق علماء الإسلام منذ عصر الصحابة على أنّه على المرأة الحرّة أن تغطّي كامل بدنها, ولم يختلفوا إلاّ في الوجه والكفّين والقدمين. وهذا الاتفاق مبثوث في كتب أهل العلم, ومن هذه الشهادات التي تؤكّد حصر الخلاف في ما ذكرنا:
قال ((ابن حزم)) :
((واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة, واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما؛ عورة هي أم لا؟)) (?)
وأقرَّه شيخ الإسلام ((ابن تيمية)) ولم يتعقبه كما فعل في بعض المواضع الأخرى من تعقيبه على كتاب الإمام ((ابن حزم)) الذي خصّصه لنقل الإجماعات.
قال ((الجزيري)) :
((اختلف العلماء في تحديد العورة على مذاهب:
الشافعية في إحدى رواياتهم والحنابلة, قالوا: جميع بدن المرأة الحرة عورة, ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب إلا إذا دعت لذلك ضرورة, كالطبيب للعلاج والخاطب للزواج, والشهادة أمام القضاء, والمعاملة في حالة البيع والشراء, واستثنوا من ذلك الوجه والكفين لأن ظهورهما للضرورة, أما القدم فليس ظهوره بضروري فلا جرم أنهم اختلفوا فيه أهو عورة أم لا؟ فيه وجهان, والأصح أنه عورة.