الحاوي للفتاوي (صفحة 837)

تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْفِرْدَوْسُ مَقْصُورَةُ الرَّحْمَنِ، فِيهَا خِيَارُ الْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ» .

وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ عَشَرَ: فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71] قَالَ: الشَّامُ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أبي العالية قَالَ: هِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ; لِأَنَّ كُلَّ مَاءٍ فِي الْأَرْضِ عَذْبٍ هُوَ مِنْهَا، يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الصَّخْرَةِ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُ فِي الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: هِيَ أَرْضُ الشَّامِ، وَهِيَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ، وَالْمَنْشَرِ، وَبِهَا يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَبِهَا يَهْلِكُ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ الدجال. وَأَخْرَجَ عَنْ كعب قَالَ: هِيَ حَرَّانُ. وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ العوفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71] قَالَ: يَعْنِي مَكَّةَ وَنُزُولَ إِسْمَاعِيلَ الْبَيْتَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] .

وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ عَشَرَ: فَفِي " كَشْفِ الْأَسْرَارِ " قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُطْمَسُ نُورُهُمَا، وَيُلْقَيَانِ فِي جَهَنَّمَ ; لِيَظْهَرَ لِعَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَنَّهُمَا لَيْسَا آلِهَةً ; لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا آلِهَةً لَدَفَعَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَلَمَا ذَهَبَ ضَوْؤُهُمَا، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي ذَهَابِ ضَوْئِهِمَا فِي الدُّنْيَا بِالْخُسُوفِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيُقَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُونَهُمْ فِي جَهَنَّمَ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ السَّادِسُ عَشَرَ: فَفِي " كَشْفِ الْأَسْرَارِ ": إِنْ قِيلَ: مَا هَذَا السَّوَادُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ؟ قِيلَ: سَأَلَ ابن اللواء عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَثَرُ مَسْحِ جَنَاحِ جِبْرِيلَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نُورَ الْقَمَرِ سَبْعِينَ جُزْءًا، وَكَذَلِكَ نُورَ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَتَى جِبْرِيلُ فَمَسَحَهُ بِجَنَاحِهِ، فَمَحَا مِنَ الْقَمَرِ تِسْعَةً وَسِتِّينَ جُزْءًا فَحَوَّلَهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَأَذْهَبَ عَنْهُ الضَّوْءَ وَأَبْقَى فِيهِ النُّورَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ السَّوَادَ الَّذِي فِي الْقَمَرِ وَجَدْتَهَا حُرُوفًا أَوَّلُهَا الْجِيمُ وَثَانِيهَا الْمِيمُ وَثَالِثُهَا الْيَاءُ وَاللَّامُ أَلِفٍ آخِرُ الْكُلِّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ جَمِيلًا، وَقَدْ شَاهَدْتُ ذَلِكَ وَقَرَأْتُهُ مَرَّاتٍ، فَسُبْحَانَ مَنْ خَلَقَهُ جَمِيلًا.

قُلْتُ: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السواد الَّذِي فِي الْقَمَرِ فَقَالَ: كَانَا شَمْسَيْنِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015