مُسْلِمُونَ فَصَاعِدًا فَلَوْلَا ذَلِكَ هَلَكَتِ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا - هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ - وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابن المنذر فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الدبري عَنْ عبد الرزاق.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: لَمْ تَبْقَ الْأَرْضُ إِلَّا وَفِيهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَتَخْرُجُ بَرَكَتُهَا إِلَّا زَمَنَ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ كَانَ وَحْدَهُ.
وَأَخْرَجَ ابن المنذر فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة: 38] الْآيَةَ، قَالَ: مَا زَالَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ أَوْلِيَاءُ مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ، مَا أَخْلَى اللَّهُ الْأَرْضَ لِإِبْلِيسَ إِلَّا وَفِيهَا أَوْلِيَاءُ لَهُ يَعْمَلُونَ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَوَى ابن القاسم عَنْ مالك قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَزَالُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ وَلِيٌّ مَا دَامَ فِيهَا لِلشَّيْطَانِ وَلِيٌّ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الزُّهْدِ، والخلال فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا خَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ مِنْ سَبْعَةٍ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ " هَذَا أَيْضًا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.
وَأَخْرَجَ الأزرقي فِي تَارِيخِ مَكَّةَ عَنْ زهير بن محمد قَالَ: لَمْ يَزَلْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ سَبْعَةٌ مُسْلِمُونَ فَصَاعِدًا لَوْلَا ذَلِكَ لَأُهْلِكَتِ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا.
وَأَخْرَجَ الجندي فِي فَضَائِلِ مَكَّةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَمْ يَزَلْ عَلَى الْأَرْضِ سَبْعَةٌ مُسْلِمُونَ فَصَاعِدًا، لَوْلَا ذَلِكَ هَلَكَتِ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أحمد فِي الزُّهْدِ عَنْ كعب قَالَ: لَمْ يَزَلْ بَعْدَ نُوحٍ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يُدْفَعُ بِهِمُ الْعَذَابُ.
وَأَخْرَجَ الخلال فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: مَا خَلَتِ الْأَرْضُ بَعْدَ نُوحٍ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ فَصَاعِدًا يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ.
وَأَخْرَجَ ابن المنذر فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40] قَالَ: فَلَنْ يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسٌ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ: مِنْ بَعْدِ نُوحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبْلِ نُوحٍ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى الْهُدَى.
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وابن المنذر، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفَاسِيرِهِمْ، والحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213]