وَجَعَلَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ: بَابًا فِي مُؤَخَّرِهِ، وَبَابًا يُقَالُ لَهُ بَابُ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يُدْعَى بَابَ عَاتِكَةَ، وَالْبَابَ الثَّالِثَ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يَلِي آلَ عُثْمَانَ، وَجَعَلَ طُولَ الْجِدَارِ بُسُطِهِ وَعُمُدِهِ الْجُذُوعَ وَسَقْفَهُ جَرِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْقُفُهُ؟ فَقَالَ: عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى خُشَيْبَاتٌ وَتَمَامُ الشَّأْنِ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، وَبَنَى بُيُوتًا إِلَى جَنْبِهِ بِاللَّبِنِ وَسَقَّفَهَا بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَالْجَرِيدِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْبِنَاءِ بَنَى بعائشة فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَابُهُ شَارِعٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَجَعَلَ سودة فِي الْبَيْتِ الْآخَرِ، الَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي آلَ عُثْمَانَ، وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ مجمع بن يزيد قَالَ: «بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ مَرَّتَيْنِ، بَنَاهُ حِينَ قَدِمَ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فِي مِائَةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ بَنَاهُ وَزَادَ فِيهِ مِثْلَهُ فِي الدَّوْرِ وَضَرْبِ الْحُجُرَاتِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا بَنَاهُ بِالْجَرِيدِ، وَإِنَّمَا بَنَاهُ بِاللَّبِنِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أبو بكر شَيْئًا وَزَادَ فِيهِ عمر وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عثمان فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ» .
وَقَالَ الأقفهسي فِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ: قِيلَ كَانَ عَرْضُ الْجِدَارِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِنَةً ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا كَثُرُوا بَنَوْهُ لَبِنَةً وَنِصْفًا، ثُمَّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ لَزِدْنَا، فَقَالَ: نَعَمْ فَزَادُوا فِيهِ، وَبَنَوْا جِدَارَهُ لَبِنَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَطْحٌ فَشَكَوُا الْحَرَّ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُقِيمَ لَهُ سَوَارٍ مِنْ جُذُوعٍ، ثُمَّ طُرِحَتْ عَلَيْهَا الْعَوَارِضُ وَالْحُصُرُ وَالْإِذْخِرُ، فَأَصَابَتْهُمُ الْأَمْطَارُ فَجَعَلَ يَكِفُ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَطُيِّنَ، فَقَالَ: عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى، وَالْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ. وَلَمَّا زَادَ فِيهِ عمر جَعَلَ طُولَهُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَبَدَّلَ أَسَاطِينَهُ بِأُخَرَ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ، وَسَقَّفَهُ بِجَرِيدٍ، وَجَعَلَ طُولَ السَّقْفِ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَفَرَشَهُ بِالْحَصَى، وَلَمَّا زَادَ فِيهِ عثمان - وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ - جَعَلَ طُولَهُ مِائَةً وَسِتِّينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا وَجَعَلَ أَبْوَابَهُ سِتَّةً. وَلَمَّا زَادَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَذَلِكَ بِأَمْرِ الْوَلِيدِ بْنِ