الحاوي للفتاوي (صفحة 446)

مَسْأَلَةٌ:

مَاذَا يَقُولُ الَّذِي زَادَتْ مَنَاقِبُهُ ... عَلَى أَكَابِرِنَا فِي الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ

فِيمَنْ رَوَى أَنَّ خَيْرَ الْخَلْقِ سَيِّدَنَا ... رَسُولَ رَبِّ الْعِبَادِ الْهَادِيَ الْعَرَبِي

قَالَ الدَّرَاهِمُ وَالدِّينَارُ قَدْ جُعِلَا ... خَوَاتِمَ اللَّهِ فِي أَرْضٍ لِذِي طَلَبِ

مَنْ جَاءَ بِالْخَاتَمِ الْمَذْكُورِ حَاجَتُهُ ... تُقْضَى وَلَمْ يَعْزُهُ رَاوِيهِ لِلْكُتُبِ

هَلْ ذَا صَحِيحٌ وَمَا مَعْنَاهُ إِنْ وَرَدَتْ ... بِهِ الرِّوَايَةُ أَوْ قَدْ صَحَّ فِي الْكُتُبِ

جُدْ بِالْجَوَابِ فَقَدْ أَشْفَيْتَ لِي عِلَلًا ... نُجِّيتَ دَهْرَكَ مِنْ هَمٍّ وَمِنْ نَصَبِ

وَنِلْتَ جَنَّةَ عَدْنٍ يَوْمَ مَبْعَثِنَا ... بِجَاهِ خَيْرِ الْأَنَامِ الطَّاهِرِ النَّسَبِ

الْجَوَابُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا دَائِمَ الْحِقَبِ ... ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى الْعَرَبِي

هَذَا الْحَدِيثُ رَوَيْنَاهُ لَهُ سَنَدٌ ... رُوَاتُهُ ضَعُفَتْ فِيمَا حَكَى الذهبي

فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِي الْأَوْسَطِ انْتَظَمَتْ ... فِيهِ رِوَايَتُهُ يَا مُنْتَهَى الطَّلَبِ

وَصَحَّ فِي الْحِلْيَةِ الْغَرَّاءِ مِنْ طُرُقٍ ... يُعَلُّ رَفْعٌ بِهَا وَقْفًا عَلَى وهب

بِأَنَّهَا خَاتَمٌ تَقْضِي الْمَعَايِشَ لَمْ ... تُوضَعْ لِأَكْلٍ إِذَا عُدَّتْ وَلَا شُرْبِ

وابن السيوطي يَرْجُو إِذْ أَجَابَ بِذَا ... فِي الْحَشْرِ لَمْحَةَ غُفْرَانٍ بِلَا نَصَبِ

مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُفَ وَكَرُمَ: " «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ وَمَوْتِي خَيْرٌ لَكُمْ» " فَقَدْ أَشْكَلَ مِنْ جِهَةِ تَنْزِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عَلَى الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يُوصَلُ بِمِنْ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ، وَوَصْلُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ؛ إِذْ يَصِيرُ الْكَلَامُ: حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ مَمَاتِي، وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حَيَاتِي، وَهُوَ مُشْكِلٌ.

الْجَوَابُ: إِنَّمَا حَصَلَ الْإِشْكَالُ مِنْ ظَنِّ أَنَّ خَيْرًا هُنَا أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَإِنَّ لَفْظَةَ خَيْرٍ لَهَا اسْتِعْمَالَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ لَا الْأَفْضَلِيَّةِ، وَضِدُّهَا الشَّرُّ، وَهِيَ كَلِمَةٌ بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِهَا لَمْ يُحْذَفْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَالثَّانِي أَنْ يُرَادَ بِهَا مَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي تُوصَلُ بِمِنْ، وَهَذِهِ أَصْلُهَا أَخْيَرُ، حُذِفَتْ هَمْزَتُهَا تَخْفِيفًا، وَيُقَابِلُهَا شَرٌّ الَّتِي أَصْلُهَا أَشَرُّ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْخَيْرُ ضِدُّ الشَّرِّ، قَالَ الشَّاعِرُ:

فَمَا كِنَانَةُ فِي خَيْرٍ مُخَامِرَةٌ ... وَلَا كِنَانَةُ فِي شَرٍّ بِأَشْرَارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015