الفالج شقٍ ٍ واحدٍ وَالْوَجْه صَحِيحا لَا قلبة بِهِ نقض هَذَا القَوْل وَمن الشنيع أَن يكون نصف النخاع الشوكي عليلاً فَبَقيَ أَن تكون منابت العصب بهَا الْعلَّة وإليها يَنْبَغِي أَن يكون الْقَصْد بالعلاج وَمن البديع أَيْضا أَن يعتل ابْتِدَاء منبت عصب الْيَد وَالرجل فِي حالةٍ وَاحِدَة فلتحرز ذَلِك.
وَقد قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة الأولى من الْأَعْضَاء الآلمة أَيْضا أَن نصف النخاع يعتّل طولا وَهَذَا قَوْله أَنه رُبمَا كَانَت الآفة فِي جَانِبه الْأَيْمن يَعْنِي النخاع من غير أَن يكون فِي الْأَيْسَر شَيْء بتّة)
وربّما كَانَ بِخِلَاف ذَلِك وَتَكون الأعصاب الَّتِي فِي ذَلِك الْجَانِب عليلةً وأمّا إِذا كَانَ النخاع سليما فِي نَفسه وَكَانَت الآفة إِنَّمَا هِيَ بشعبةٍ واحدةٍ من شعب العصب المنشعبة مِنْهُ فإنّما يتبع ذَلِك استرخاء فِي ذَلِك الْعُضْو الَّذِي تجيئه تِلْكَ الشعبة وَقد يتّفق مرَارًا كثيرا أَن تكون تِلْكَ الآفة فِي شعب كثيرةٍ مَعًا والنخاع سليم لي فليفهم عَن جالينوس هَاهُنَا من قَوْله شُعْبَة ابْتِدَاء منبت الْعصبَة وكانّ قد أحسّ أَنه من البديع أَن يعتل النخاع فِي نصفه طولا وَلَا يتأدّى إِلَى النّصف الثَّانِي فَأَرَادَ بذلك أَن تُوجد للفالج علّة فَقَالَ قد يُمكن أَن يعتّل منابت أعصابٍ كثيرةٍ مَعًا وَهَذَا شَيْء غَرِيب وبديع أَيْضا أَن يكون يَنْبَغِي أَن يتَّفق أبدا أَن يعتّل من النخاع نصفه وَيبقى الْبَاقِي من السَّلامَة فِي حدّ لَا ينْقض من فعله شَيْء الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ إِن كَانَ ذَلِك ضغط أَو ورم فَعجب أَن يكون يبلغ من نكاية نصف النخاع أَن يبطل فعله الْبَتَّةَ وَيبقى النّصْف سليما وَإِن كَانَ من سوء مزاجٍ فَهُوَ أشنع وَلَكِن أعلم أَن الدِّمَاغ فِي جَمِيع بطونه مثنى وَإِذا استرخى أحد شقّي الْجَسَد فالآفة فِيهِ فِي ذَلِك الشقّ من الدِّمَاغ وَلَكِن إِن كَانَ لَا يتبيّن مِنْهُ فِي الْوَجْه شَيْء فَإِن ذَلِك لِأَن الآفة فِي ذَلِك الْبَطن لَيْسَ فِي غَايَة الاستحكام فَمَا قرب مِنْهُ فَإِن الْفِعْل يبْقى لَهُ على أَنه لَا بُد أَن يكون مضروراً وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يتبيّن للحس وَمَا بعد مِنْهُ فالآفة تظهر مِنْهُ ظهوراً كلياً لِأَن القوّة تخور مَتى بَعدت على الأَصْل والينبوع وَلست اشكّ أَن النخاع نَفسه مثنّى وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يتبيّن بالتشريح.
قَالَ جالينوس فِي الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الآلمة إِذا حدثت فِي أول منشأ النخاع آفَة يمْنَع القوى الَّتِي كَانَت تجيئه استرخاء ألف جَمِيع الْبدن خلا الْوَجْه كَمَا أَنه إِن حدثت بِهِ آفَة فِي النّصْف من منشئه حدث بِهِ فالج فِي ذَلِك الْجَانِب لي هَذَا يقرب مِمَّا قُلْنَاهُ أَن البطّن الْمُؤخر الَّذِي مِنْهُ منشأ النخاع مثنّى أَو أَن الآفة إِنَّمَا تحدث بِنَفس جرم الدِّمَاغ فِي نَفسه فَيكون مَا ينْبت ماؤفا.
قَالَ وَقد يعرض مَعَ الفالج استرخاء فِي الْوَجْه فِي الْجَانِب وَحِينَئِذٍ فَاعْلَم أنّ الآفة فِي الدِّمَاغ وأمّا مَتى أَعْضَاء الْوَجْه سليمَة فالآفة فِي منشأ النخاع فقد صرخَ بأنّ الدِّمَاغ مثنّى وإلاّ فَلَو كَانَ وَاحِدًا وَكَانَت الآفة فِيهِ استرخى كلا جَانِبي الْوَجْه.
وَقَالَ فِي الرَّابِعَة إِذا كَانَ جزئي الدِّمَاغ كليهمَا عِنْد مبدأ النخاع وَقد امْتَلَأَ حدثت السكتة وَإِن أعتلّ أَحدهمَا حدث فالج وَإِن أُجِيب أَن انحلال السكتة إِلَى الفالج فإنّما يكون عِنْدَمَا يدْفع الدِّمَاغ الفضلة إِلَى أَضْعَف الْجَانِبَيْنِ مِنْهُ.)