قَالَ وَأما الْأَسْنَان فالسن الَّتِي فِيهَا الْحَيَوَان نامٍ يكون النَّفس فِيهِ أعظم وَأَشد تواتراً فِي الانبساط والانقباض لِأَن الْحَرَارَة الَّتِي فِي السن النامي أَكثر فَلذَلِك يحْتَاج إِلَى تروّح أَكثر والفضول الدخانية فيهم أَيْضا أَكثر لِأَن هَذِه الفضول إِنَّمَا تكون بِحَسب كَثْرَة الهضم لِأَنَّهَا فضول الهضم وَكَذَلِكَ الْحَال فِي أَوْقَات السّنة والبلدان والأمزجة فَإِنَّهُ فِي الْحَار يعظم ويسرع ويتواتر وَفِي الْبَارِد بالضد وَكَذَلِكَ فِي الْأَعْمَال وَالْأَحْوَال والتصرفات قَالَ والاستحمام أَيْضا مَا كَانَ بالحار يَجْعَل النَّفس سَرِيعا عَظِيما متواتراً وَمَا كَانَ بالبارد فبالضد وَأما النّوم فَإِنَّهُ يَجْعَل الانقباض أعظم وأسرع من الانبساط لِأَن الهضم يكون فِي حَال النّوم أَكثر لِأَن الْحَرَارَة تَجْتَمِع فِيهِ فِي دَاخل الْجِسْم فيكثر لذَلِك)
اجْتِمَاع الفضول الدخانية غَايَة الْكَثْرَة.
قَالَ وَأما الْأَمْرَاض فَجَمِيع مَا تتزيد فِيهِ الْحَرَارَة مثل الحميات تتزيد فِيهَا سرعَة النَّفس وعظمه وتواتره وخاصة فِيمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْقلب نَفسه أَو فِيمَا قرب مِنْهُ حرارة مفرطة وَأما الَّتِي نقصت فِيهَا الْحَرَارَة فينقص النَّفس حَتَّى أَنه رُبمَا لم يتَبَيَّن للحس الْبَتَّةَ كالحال فِي اختناق الْأَرْحَام قَالَ وَجَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء النبض فِيهَا مُشَاركَة للنَّفس قَالَ وَلِأَن النَّفس فعل إراديّ والنبض فعل طبيعيّ يَخْتَلِفَانِ فِي أَشْيَاء مِنْهَا أَن النبض إِذا كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة والآلة مواتية وَالْحَاجة دَاعِيَة لَا يُمكن أَن يَجْعَل بالإرادة صَغِيرا والتنفس قد يكون ذَلِك فِيهِ لِأَنَّهُ إِن عرض فِي آلَات النَّفس وجع فَإِن الصَّدْر ينبسط انبساطاً أقل عظما لِأَن عظم الانبساط يهيج الوجع ويشتد لَهُ وَإِذا صغر الانبساط لم يبلغ للْحَاجة قدرهَا فيعتاض من ذَلِك التَّوَاتُر ألف ألف لِأَن يسْتَدرك من الْهَوَاء بِقدر مَا فَاتَهُ بِعظم الانبساط فَتكون هَذِه الْحَالة كمن لَا يتهيء لَهُ أَن يشرب رية فِي جرعة حَتَّى يَسْتَوْفِيه فيغرفه فِي جرعات كَثِيرَة متواترة قَلِيلا قَلِيلا وَمن حالات الوجع فِي الصَّدْر يكون التنفس بكليته يَعْنِي انبساطه وانقباضه بطيئاً صَغِيرا متواتراً وَيكون بعد صغره عَن الِاعْتِدَال أَكثر من بعد سرعته لِأَن تأذي الصَّدْر بِالْوَضْعِ لعظم الانبساط أَكثر مِنْهُ بِسُرْعَة فَإِن السرعة وَإِن كَانَت مؤذية فَإِنَّهَا من أجل قصر مدّتها يكون أذاها أقل وَذَلِكَ لِأَن السرعة تصيره وتؤدّيه إِلَى الَّذِي تشتاق إِلَيْهِ ويستريح الصَّدْر سَرِيعا وَأما عظم الانبساط فَإِنَّهُ مؤذٍ من كل الْجِهَات من أجل شدَّة هَذِه الْحَرَكَة وليتمدد الورم والضغاطة فيألم مِنْهُ من كل وَجه فَلذَلِك لَا ينقص فِي حَال الوجع الشَّديد أَكثر من السرعة.
قَالَ فَإِن كَانَ وجع الصَّدْر بِلَا حرارة يخفر وَيَدْعُو إِلَى النَّفس الْعَظِيم لَكِن تكون حرارة الْقلب بِحَالِهَا الطبيعية فَإِنَّهَا ترى رُؤْيَة بَيِّنَة حَرَكَة الصَّدْر أَبْطَأَ يَعْنِي النَّفس فَأَما إِن كَانَ مَعَ الوجع الْقلب ملتهباً فَإِن السرعة تُوجد لشدَّة الْحَاجة ومبادرته للتطفية فَلَا تنقص السرعة لَكِن ينقص الْعظم نُقْصَانا كثيرا والخلقة المتواترة من أجل خفر الْحَاجة. فَإِن كَانَ مَعَ الوجع تلهب أَيْضا فَإِنَّهُ يزِيد فِي السرعة أَيْضا وَيزِيد فِي التَّوَاتُر بِمِقْدَار أَكثر.
قَالَ والتواتر وَإِن كَانَ قد يلْحق التنفس الَّذِي عَن تلهب الْقلب فَقَط وَهُوَ خفر الْحَاجة وَالَّذِي عَن الوجع فَإِن الْفرق بَينهمَا أَن جملَة مَا قُلْنَا أَن الوجع فِي آلَات النَّفس يَجْعَل