وَإِن كَانَت عَن كَيْفيَّة الأخلاط فبالأشياء الَّتِي تلطف وترقق الأخلاط. وَقد تنْتَقل حمى يَوْم إِلَى حمى محرقة وَإِلَى حمى دق.
لي حمى يَوْم إِذا كَانَت فِي الْأَبدَان المرارية الْيَابِسَة الحارة وَاتفقَ لأصاحبها أَن يمسكوا عَن الطَّعَام بمشورة طَبِيب انْتَقَلت إِلَى حمى دق وحميات محرقة قَوِيَّة وَإِذا كَانَت فِي الْأَبدَان الْكَثِيرَة اللَّحْم وَالدَّم انْتَقَلت إِلَى سونوخس من غير عفن.
وَقد قُلْنَا فِي هَذِه فلنقل الْآن فِي الَّتِي تنْتَقل إِلَى الدق وَإِلَى المحرقة: إِذا حم أَصْحَاب الْأَبدَان العضلة القوية القليلة اللَّحْم المرارية الحارة المزاج جدا فاحذر أَن يطول بهم الأمساك عَن الْغذَاء لِأَنَّهُ أَن طَال بهم ذَلِك وَقَعُوا فِي حمى الدق فاغذهم وبردهم ورطبهم فِي الْغَايَة لأَنهم أَن أَمْسكُوا فِي حَال الصِّحَّة عَن الطَّعَام وقتا طَويلا حموا فَكيف فِي وَقت الْحمى وَإِنَّمَا تهيج بِهَذِهِ الْأَبدَان من الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام أَو من التَّعَب حمى لِأَن هذَيْن يهيجان بخاراً كثيرا وبخار هَذِه الْأَبدَان حَار حريف فَإِذا مر نَاحيَة الْجلد بالأجسام الحساسة لذعها فاقشعرت لذَلِك وتقبضت ومنعت تحلل البخارات واحتقنت وأحدثت حمى. وبحسب كَثْرَة تِلْكَ البخارات وحدتها وَسُرْعَة حركتها وبحسب الْقُوَّة يكون عظم النافض وصغره وَذَلِكَ أَن كَثْرَة البخار وحدته وَسُرْعَة حركته)
تزيد فِي النافض وَبِالْعَكْسِ وَالْقُوَّة تسخف ذَلِك والضعف يكثر بقبضها وارتعادها مِنْهُ وبحسب اتِّفَاق هَذِه الْأَشْيَاء يكون قدر مَا يعرض من النافض والأقشعرار حَتَّى أَنه رُبمَا لم يعرض إِلَّا شبه هَذِه الْقِصَّة وذكاء الْحس مِمَّا يعين على توليد النافض.
مِثَال لِجَالِينُوسَ: أنزل أَن رجلا حَار المزاج يَابِس غَالب عَلَيْهِ الصَّفْرَاء ومعدته تولد صفراء أمسك عَن الطَّعَام وسهر واغتم واضطره امْرَهْ إِلَى الْبرد فِي طَرِيق طَوِيل بِسُرْعَة.
قَالَ: أَنه من أجل مَا تحدث الفضول المرارية من الْحَرَارَة إِلَى نَاحيَة ظَاهر بدنه يعرض لَهُ اولاً اضْطِرَاب فِي بدنه ثمَّ قشعريرة فَأن هُوَ داوم الْحَرَكَة وَلم يُبَادر إِلَى الْغذَاء حم من سَاعَته. وَقد رَأَيْت خلقا كثيرا كَذَلِك وخاصة أَن كَانَ ناقها من مرض وَمن صادفته من هَؤُلَاءِ سَاعَة ابتدأت بقشعريرة أطعمته خبْزًا مبلولاً بشراب ممزوج فسكن عَنهُ الأقشعرار. وَجُمْلَة فَأن من هَذِه حَاله أَنا أبادر فأغذوه فِي ابْتِدَاء حماه بِخبْز مبلول بشراب وَمَاء أَو بِغَيْرِهِ فأسكن بذلك نافضهم وأدفع عَنْهُم الْحمى وَكلما بادرت إِلَى أطعامهم كَانَ تسكينك للحمى عَنْهُم أَكثر بِقِيَاس مبادرتك فَإِن أَنْت أَبْطَأت فِي أطعامهم دفعت عَنْهُم أَكثر الْحمى حَتَّى أَنه رُبمَا يعرض لَهُم حرارة كَثِيرَة يُمكن أَلا أَن يحموا إِلَّا أَن حماهم لَا تكون مؤذية وَيظْهر بعْدهَا ندى فِي الْبدن فَإِن لم يظْهر فِي الْبدن ندى فحمهم واغذهم ثَانِيَة فَإِن حموا بعد ذَلِك فَلَا تغذهم فِي اول النّوبَة لَكِن إِذا أخذت فِي الأنحطاط فاغذهم من ساعتك وَلَا تنْتَظر انْقِضَاء الْحمى على التَّمام لِأَن جَمِيع الْأَبدَان الَّتِي مزاجها يَابِس قحل لَا تنقى من الْحمى نقاءً مَحْمُودًا قبل أَن يرطب الْبدن إِمَّا باستحمام أَو بأغذية رطبَة.
وَجُمْلَة اقول: أَن فِي هَذِه الْأَبدَان أبداناً تحْتَاج ان تغذى قبل نوبَة الْحمى وأبداناً