وأعينهم غائرة ولونهم ردياً فَاسِدا وَكَذَلِكَ الْحَال فِي السهر وَأَصْحَاب الْغَضَب نبضهم عَظِيم ويعرقون سَرِيعا وَأَصْحَاب السهر وَالْغَم نبضهم صَغِير وَمن حم من تَعب مفرط لَا يكَاد يعرق عِنْد الأنحطاط وخاصة إِن كَانَ فِي طَرِيق حَار جدا أَو بَارِد جدا أَو كثير الْغُبَار فَأَما من تَعب تعباً قَلِيلا فَأَنَّهُ يعرق وَمن أفرط فِي التَّعَب يصغر نبضه وَمن لم يفرط يعظم وَمن حم لاستحصاف جلده لَيْسَ مَاؤُهُ منصبغاً وَمن حم من ورم الأربية فنبضه عَظِيم جدا وسريعاً مَا يعرق وحرارة حماه أقل من سَائِر الحميات ووجهة ممتلىء وبوله يمِيل إِلَى الْبيَاض.
لي هَذِه نَظِير سونوخوس إِلَّا فِي الأولى قَالَ: جَمِيع هَؤُلَاءِ يَحْتَاجُونَ إِلَى حمام إِلَّا أَن من حم من تكاثف جلده فَيحْتَاج إِلَى أَن يُطِيل اللّّبْث فِيهِ. فَأَما غَيره فَلَا بل يقلل ذَلِك بل يُطِيل اللّّبْث فِي المَاء الْحَار ماأحب والمرخ بالدهن لأَصْحَاب التَّعَب أَنْفَع مِنْهُ لأَصْحَاب استحصاف الْجلد وَيكثر هَذَا الْغذَاء ويقلله صَاحب الغدد والأستحصاف وليلطف تَدْبيره لتكاثف وَأَصْحَاب الورم لَا يسقون شرابًا الْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ أَصْحَاب تكاثف المسام وخاصة إِن كَانَت أبدانهم ممتلئة وسددهم قَوِيَّة.
لي لَا تسق هَؤُلَاءِ شرابًا حَتَّى تبطل الْحمى الْبَتَّةَ وَتعلم أَنه لم يبْق شَيْء فَأن بِهَذِهِ الْحَال يعلم أَن السدد قد تفتحت وأحوجهم إِلَى الترطيب وَالشرَاب أَصْحَاب السهر والتعب إِلَّا أَن يَكُونُوا مصدعين. قَالَ: الحميات المبتدئة بنافض يَنْبَغِي أَن تعد من الحميات الَّتِي تنوب بأدوار.
لي جملَة علاج الْحمى السددية إِذا كَانَت فِيهَا عَلَامَات حمى يَوْم ثمَّ انحطت بِلَا عرق فَهِيَ سددية وخاصة عَن كَانَ أدمن على أغذية غَلِيظَة وبحسب شدَّة الْحمى تكون شدَّة السدد وعلاجها جملَة إِن كَانَت الْحمى عَظِيمَة أَن يفصد ثمَّ يقْصد إِلَى تفتيح السدد بالسكنجين وَمَاء الشّعير وَالْحمام قبل النّوبَة بِوَقْت صَالح ودلك ظَاهر بدنه وإسهال بَطْنه وإدرار بَوْله بِرِفْق وتفقد)
نافض الْحمى بعقلك فَإِنَّهُ بِحَسب عظم السدد يكون بَقَاؤُهَا فَإِن كَانَت السدد قَليلَة لم تحتج إِلَى فصد وَمَا دمت لَا ترى فِي المَاء عَلامَة عفن وَلَا فِي نوع الْحَرَارَة فِي اللَّمْس فالحمى لم تنْتَقل إِلَى عفن لَكِنَّهَا بعد سددية.
جَوَامِع أغلوقن قَالَ: حمى يَوْم قد تحدث عَن وجع يحدث فِي بعض الْأَعْضَاء وَاجعَل الوجع أحد أَسبَابهَا الْبَادِيَة. قد يتبع حمى يَوْم الدماميل قبل أَن تنضج ووجع الْعين ووجع الْأذن ووجع الضرس والقولنج والبواسير إِذا أفرطت فِي الوجع فَهَذِهِ كلهَا دَاخِلَة فِي نوع الوجع وَتصير أسباباً بادية. حمى يَوْم لَا محَالة تحدث عَن سَبَب باد وَلَيْسَ كل حمى حدثت عَن سَبَب باد حمى يَوْم. لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون السَّبَب البادي حرك سَببا فِي الْبدن من الْأَسْبَاب المتقادمة فَحدث عَنهُ حمى دم أَو حمى عفن وكل حمى حدثت عَن سَبَب متقادم فَهِيَ حمى عفن إِلَّا أَنه مُمكن أَن يهيجه السَّبَب البادي فَيكون سَببه بادياً وَهُوَ حمى عفن وَمن عَلَامَات حمى يَوْم عَن السَّبَب البادي وَأَن لَا يكون فِي ابتدائها نَاقض وَلَا يكون