الحاوي في الطب (صفحة 1924)

كَانَت السدد يسيرَة فَأَما إِن كَانَت عَظِيمَة فَلَا بُد أَن تبقى اَوْ تنوب بِقدر عظمها ويخيل أَنَّهَا لَيست حمى يَوْم.

قَالَ: وَحمى يَوْم السددية لَا تكون إِلَّا فِي الْأَبدَان الْكَثِيرَة الدَّم لِأَن السدة لَا تفنى بتولد الْحمى دون أَن يكون المتحلل من الْبدن بخاراً كثيرا جدا فَإِذا انسدت المسام قل مَا يتَحَلَّل مِنْهُ بالأضافة إِلَى الْحَال الأولى فاجتمعت فِي الْبدن حرارة أوجبت الْحمى.

قَالَ: حمى يَوْم إِذا كَانَت من سدد عَظِيمَة وَلم تعالج كَمَا يجب انْتَقَلت إِمَّا إِلَى مطبقة بِلَا عفن أَو إِلَى مطبقة بعفن أَو إِلَى بعض حميات العفن النائبة.

لي وَلَا تنْتَقل هَذِه إِلَى الدق لِأَن هَذِه تكون مَعَ الأمتلاء وَكَثْرَة رطوبات قَالَ: وَإِذا كَانَت السدد يسيرَة فَأَنَّهَا تَنْقَضِي كَمَا تَنْقَضِي حميات يَوْم إِلَّا أَن يجهل الْأَطِبَّاء تدبيرها.

قَالَ: الْحمى الكائنة عَن السدد مادام لم يظْهر فِي الْبَوْل والنبض كَيْفيَّة الْحَرَارَة وعلامة العفن فَهِيَ حمى يَوْم وَلَو أطبقت اياماً على مَا ذكرنَا من سونوخوس بِلَا عفونة.

قَالَ: فالسدة تكون إِمَّا من كَثْرَة الدَّم أَو لغلظ الأخلاط وعلاج الأولى الفصد وَالثَّانيَِة التلطيف.

لي الْفرق بَينهمَا أَنه يظْهر مَعَ الأولى حمرَة اللَّوْن وانتفاخ وتمدد وَلَا يظْهر مَعَ الْأُخْرَى ذَلِك.

لي حمى يَوْم احْتَاجَت جمع إِلَى الْحمام لَان مَعَ أَكْثَرهَا امْتنَاع مَا كَانَ يتَحَلَّل من الْبدن فالحمام يحلل ويوسع المسام وَمَعَ الثَّانِيَة حِدة وحرافة قد اكتسبتها بالحمى وَالْحمام يرطبها ويعدلها ويسهل تَحْلِيل مَا يحْتَاج أَن يتَحَلَّل. وَقد ذكر جالينوس أَن مَعهَا كلهَا امتناعاً من تحلل إِلَّا أَنه مَعَ بَعْضهَا أبدا ضَرُورَة وَمَعَ بَعْضهَا فِي الاكثر وَمَعَ بَعْضهَا فِي الْأَقَل. قَالَ فِي آخر الْعَاشِرَة: الْحمام)

يستفرغ الْبدن بالعرق والتحلل الْخَفي وَفِي حمى يَوْم يتهيأ أَن تستفرغ نفس جَوْهَر الْحمى بِهَذَيْنِ الأستفراغين.

تكاثف المسام يكون لانقباض الْجلد من الْبرد اَوْ الْقَبْض أَو الوجع وَشَيْء من اللَّحْم تَحْتَهُ ينقبض مَعَه. وَأما السدة فَتكون إِذا لحجت الأخلاط فِي أَطْرَاف الْعُرُوق الأقاصي النافذة إِلَى سطح الْبدن غما لكثرتها أَو لغلظها أَو للزوجتها.

قَالَ فِي الْحَادِيَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء: وإمالتها إِلَى ظَاهر الْبدن بَغْتَة بِسَبَب حَرَكَة عنيفة أَو تغير الْهَوَاء دفْعَة من شدَّة الْبرد إِلَى شدَّة الْحر أَو بِسَبَب الْغَضَب.

لي حميات العفن أَن عدمت النافض فَلَا بُد من أَن يكون فِي ابتدائها ضغط فِي النبض اَوْ انضمام الْحَرَارَة إِلَى وسط الْبدن فَمَتَى رَأَيْت حمى لم يعرض فِي ابتدائها نقص الْحَرَارَة وَبرد الْأَطْرَاف والأنضغاط فِي النبض فَبين أَنَّهَا يومية.

الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الْحمى الَّتِي تكون مَعَ ورم اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي الأريتين وَنَحْوهمَا من الْأَمَاكِن الَّتِي فِي الْبدن إِذا حدث من سَبَب ظَاهر فَهِيَ حمى يَوْم. فَأَما سَائِر الأورام الَّتِي تحدث فِي هَذِه الْمَوَاضِع من غير سَبَب ظَاهر فَلَا تكَاد تحدث إِلَّا مَعَ ورم فِي الأحشاء وَلذَلِك الْحمى الكائنة مَعهَا ردية.

لي لَا يحْتَاج فِي هَذَا الْفَصْل اكثر من أَن حمى يَوْم الكائنة من ورم الأربية يتقدمها الورم ثمَّ يكون بعد بحرارة الورم الْحمى وَأما العفنية فَأن الْحمى تكون فِيهَا أقدم من الورم فهمت بعد هَذَا الْمَعْنى مَتى ورمت الأربية فَحدث مَعهَا حمى فَانْظُر فَأن كَانَ لورم الاربية سَبَب باد فَأَنَّهَا حمى عفن وَإِن لم يكن لَهَا سَبَب باد فَإِنَّهَا حمى ردية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015