3 - (مداواة من انْطَلَقت طَبِيعَته) قَالَ: مَتى رَأَيْت أَن الشَّيْء الَّذِي يستفرغ إِنَّمَا هُوَ الشَّيْء الَّذِي فسد وَحده فَأدْخل الْمَرِيض الْحمام وأغذه عِنْد انحطاط النّوبَة واعتن بالمعدة وَإِن كَانَ الأستفراغ قد أجحف فالأجود أَن يغذى قبل أَن يدْخل الْحمام بعد أَن يعتنى بِأَمْر الْمعدة والعناية بهَا تكون إِن كَانَ الأستفراغ قد قطع بِأَن يوضع عَلَيْهَا صوف مبلول بِزَيْت قد طبخ فِيهِ أفسنتين فِي أناء مضاعف لِئَلَّا يفْسد الطَّبْخ ويدخنه وَإِن كَانَ قد بَقِي فِي الْمعدة شَيْء من مس اللذع والوجع فضع عَلَيْهَا قِطْعَة لبد سخنة يابسة أَو مغموسة فِي ذَلِك الزَّيْت معصورة مسخنة وَإِن كَانَ الدّهن الَّذِي يغمس فِيهِ هَذَا اللبد دهن ناردين فائق فجيد وَيَنْبَغِي أَن يعصر ثمَّ يوضع عَلَيْهِ والأجود أَن يكون بدل اللبد صوف فرفير فائق فَأن فِيهِ قبضا لطيفاً وَفِيه قُوَّة تغوص إِلَى الْمعدة فتسخنها وتجففها وتقويها فَأن كَانَ فَم الْمعدة شَدِيد الضعْف فاسحق مصطكى بدهن ناردين فائق واغمس فِيهِ صوف فرفير وَضعه عَلَيْهِ ولتكن هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي تضعها عَلَيْهِ فِي غَايَة الْحَرَارَة فان الْأَشْيَاء الفاترة تحلل فَم الْمعدة وترخيه. قَالَ: وَإِن احتجت إِلَى قيروطى الصَّبْر والمصطكى فَاسْتَعْملهُ وَإِن كَانَ فِي فَم الْمعدة حرقة واشتعال فضع عَلَيْهِ قيروطياً بدهن السفرجل والأضمدة المبردة القوية وَإِن كَانَت طَبِيعَته بعد منطلقة فأعطه مَاء سويق الشّعير وَالْخبْز الَّذِي يَقع فِي عجنه حل الَّذِي يتَّخذ لأَصْحَاب الذرب وَإِن كَانَ شَدِيد الانطلاق فَاسق السويق على مَاء الرُّمَّان والكمثرى واسقه مَاء الْفَوَاكِه وَمَاء طبيخ الكمثرى والسفرجل وَحب الآس وَإِن كَانَ الأختلاف قد انْقَطع فاغذه بخصي الديوك والسمك الرضراضي وببعض الْفَوَاكِه القابضة وَإِن كَانَت شَهْوَته سَاقِطَة)
وَنَفسه تأبى الطَّعَام فَأن هَذَا كثيرا مَا يعرض فاسقه الدَّوَاء الْمُتَّخذ بعصارة السفرجل والمتخذ بِلَحْم السفرجل الَّذِي وصف فِي كتاب تَدْبِير الأصحاء جوارش السفرجل الْبَسِيط بِلَا فلفل وَلَا غَيره. قَالَ: هَذَا هُوَ علاج هَؤُلَاءِ الَّذين يَنْبَغِي أَن يعالجوا بِهِ فِي أول انحطاط النّوبَة. فاما من احْتبست طَبِيعَته فجس شراسيفه وبطنه كُله وسل العليل أَيْن يجد الثّقل من بَطْنه وَأي ضرب من الجشاء يتجشأ وَانْظُر فَأن كَانَ الطَّعَام وَاقِفًا بعد فِي أَعلَى الْبَطن فاسقه دَوَاء الفلافل الثَّلَاثَة الْبَسِيط الْقَلِيل الأخلاط وَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ نَحن فِي كتاب تَدْبِير الأصحاء فَأَنَّهُ نَافِع لمن لَا يستمرىء طَعَامه ثمَّ اسْتعْمل النطول على الْبَطن والشراسيف وَيفْعل هَذَا الْفِعْل أَكثر وَأَشد وَأما من كَانَ الطَّعَام فِي أَعلَى بَطْنه فاما من انحدر إِلَى أَسْفَل بَطْنه فافعل بِهِ هَذَا بِعَيْنِه ويحرك أقل قَلِيلا وَإِن كَانَ الطَّعَام قد نزل نزولاً كثيرا فأعنه بشيافة أَو بحقنة فَأن وجد لذعاً فِي أمعائه فعلاجه من بَاب الأمعاء وَإِن وجد نفخة فَمن بَاب النفخة.
قَالَ: فَإِذا انْطَلَقت طَبِيعَته فاغذه بِسُرْعَة أغذية حميدة وتجنب القوابض وَدبره بِهَذَا التَّدْبِير فِي الْيَوْم الثَّانِي وَأدْخلهُ الْحمام فَأن نَام ليلته نوماً طبيعياً فقد برأَ وَإِلَّا فَلَا تجزع لَكِن حمه وقم عَلَيْهِ قيامك بِعَيْنِه من الدَّوَاء وَالتَّدْبِير بِمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ.