وَيُلْقِيهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ وَيَبْدَأُ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ الْيُمْنَى وَيَدِهِ وَشِقِّ صَدْرِهِ وَجَنْبِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَيَغْسِلُ مَا تَحْتَ قَدَمِهِ، ثُمَّ يُلْقِيهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى مَا وَصَفْتُ، وَيَغْسِلُ مَا بَيْنَ إِلْيَتَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ، وَمَا كَانَ يَغْسِلُهُ حَيًّا فِي جَنَابَتِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِمَاءِ السِّدْرِ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الْخِطْمِيِّ، لِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ وَأَقْوَى لِلْجَسَدِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ بِهِ وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْتُ أَنْ يُغَسَّلَ بِأُشْنَانٍ، وَيَرْفُقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَإِذَا غَسَّلَهُ بِالسِّدْرِ صَبَّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْمَاءَ الْقَرَاحَ، وَكَانَ الِاجْتِنَابُ بِمَاءِ الْقَرَاحِ دُونَ مَاءِ السِّدْرِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى غَسْلِهِ ثَانِيًا بِالسِّدْرِ فَعَلَ، وَإِنِ اكْتَفَى بِالْأَوَّلِ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَإِنْ غَسَّلَهُ بِالسِّدْرِ فِي كُلِّ دُفْعَةٍ وَأَفَاضَ بَعْدَهُ مَاءَ الْقَرَاحِ جَازَ، وَكَانَ الِاجْتِنَابُ بِمَاءِ الْقَرَاحِ دُونَ مَاءِ السِّدْرِ، وَالْوَاجِبُ غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَدْنَى كَمَالِهِ ثَلَاثًا وَأَوْسَطُهُ خَمْسًا، وَأَكْثَرُهُ سَبْعًا، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا سَرَفٌ.
: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي الْمَاءِ الْقَرَاحِ كَافُورًا يَسِيرًا لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَمْ يُحْتَسَبْ به في عداد غسلانه.
وَمَنَعَ أبو حنيفة مِنَ اسْتِعْمَالِ الْكَافُورِ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهُ قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ الْخَفَّاضِيَّةِ حِينَ غَسَّلَتْ بنته اغْسِلِيهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وسدرٍ، وَاجْعَلِي فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُتْبِعُ مَا بَيْنَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ لَا يَجْرَحُ، حَتَّى يُخْرِجَ مَا تَحْتَهَا مِنَ الْوَسَخِ، وَإِنَّمَا اسْتُحِبَّ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْظِيفِ الْمَيِّتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اصْنَعُوا بِمَيِّتِكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرُوسِكُمْ ".
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَتَعَاهَدُ مَسْحَ بَطْنِهِ فِي كُلِّ غَسْله، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَمَرَ أَنْ يَتَعَاهَدَ مَسْحَ بَطْنِهِ بِيَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي وَقْتِنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أراد بالتعاهد تفقد الموضع الممسوس، لأن لا يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُفْسِدَهُ، وَلَمْ يُرِدْ مُعَاهَدَةَ مسحه بيده.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شيءٌ أَنْقَاهُ بِالْخِرْقَةِ كَمَا وصفت وأعاد عليه غسله ثم ينشف في ثوب ثم يصير في أكفانه وإن غسل بالماء القراح مرةً أجزأه ".