الحاوي الكبير (صفحة 956)

وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَاسْتَقْبَلَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا وَاسْتَسْقَى، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ صَلَّوْا لِلِاسْتِسْقَاءِ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَجَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ، وَرَوَى أَصْحَابُنَا عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ صَلَّوْا لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ مُخَالِفٌ، فَثَبَتَ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ، وَلِأَنَّ مَا سُنَّ لَهُ الْإِجْمَاعُ وَالْبِرَازُ سُنَّ لَهُ الصَّلَاةُ كَالْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ، فَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَلَا يُعَارَضُ بِمَا رَوَيْنَاهُ، لِأَنَّنَا نُجَوِّزُهُ وَنَسْتَعْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى فِعْلِ الْأَفْضَلِ، وَالْمَسْنُونِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِزِيَادَتِهَا وَكَثْرَةِ رُوَاتِهَا، وَمُعَاضَدَةِ فِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ الله عنهم لها.

(فصل: القول في وقت صلاة الاستسقاء)

فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ فَوَقْتُهَا فِي الِاخْتِيَارِ كَوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الصِّفَةِ، فَإِنْ صَلَّاهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ إِمَّا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهَا أَجْزَأَهُ، بِخِلَافِ الْعِيدِ، لِاسْتِوَاءِ الْوَقْتَيْنِ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ، نَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى مَا وَصَفْتُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِتَكْبِيرٍ زَائِدٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ زَائِدٍ، وَالرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَدْفَعُ قَوْلَهُ.

قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ نُوحٍ كَانَ حَسَنًا، لِمَا تَضَمَّنَهَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَنُزُولِ الغَيْثٍ، فَلَوْ قَرَأَ بِغَيْرِ ما ذكرنا، أو اقتصر على الفاتحة، أو زاد في التكبير، أو نقص منه جاز، لا سجود للسهو عليه.

(مسألة)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثم يخطب الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ يقصر الخطبة الآخرة مستقبل الناس في الخطبتين ويكثر فيهما الاستغفار ويقول كثيرا {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا} ثم يحول وجهه إلى القبلة ويحول رداءه فيجعل طرفه الأسفل الذي على شقه الأيسر على عاتقه الأيمن وطرفه الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر وإن حوله ولم ينكسه أجزأه وإن كان عليه ساج جعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن وما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015