أَعْمَالِ الْقُرْبِ، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ هُوَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وأنا أجازي به} ، لأن الصَّوْمَ مَعُونَةٌ عَلَى رِيَاضَةِ النَّفْسِ وَخُشُوعِ الْقَلْبِ وَالتَّذَلُّلِ لِلطَّاعَةِ، وَالدُّعَاءُ فِيهِ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَمْتُ الصَّائِمِ تَسْبِيحٌ وَنَوْمُهُ عِبَادَةٌ وَدُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ، وَعَمَلُهُ مُضَاعَفٌ ".
فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا مَنَعْتُمُوهُ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ الرَّابِعِ لِيَكُونَ أَقْوَى لَهُ عَلَى الدُّعَاءِ كَمَا مَنَعْتُمْ مِنْ صِيَامِ عَرَفَةَ، قُلْنَا: لِأَنَّ دُعَاءَ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي آخِرِهِ، فَرُبَّمَا أَضْعَفَ الصِّيَامُ عَنِ الدُّعَاءِ فِيهِ، وَدُعَاءُ هَذَا الْيَوْمِ فِي أَوَّلِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلصَّوْمِ تَأْثِيرٌ فِي إِضْعَافِهِ، وَيَأْمُرُهُمُ الْإِمَامُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِ وَالْمُشَاجِرِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ، وَالتَّطَوُّعِ بِالْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " حَصِّنُوا أَمْوَالكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصدقة ".
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُنَادِي " الصَّلَاةَ جَامِعَةً " ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ سَوَاءً وَيَجْهَرُ فيهما وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كانوا يجهرون بالقراءة في الاستسقاء ويصلون قبل الخطبة ويكبرون في الاستسقاء سبعا وخمسا عن عثمان بن عفان أنه كبر سبعا وخمسا وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يكبر مثل صلاة العيدين سبعا وخمسا ".
قال الماوردي: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَيَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةِ قَافْ، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ، وَيَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَيَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: الصَّلَاةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ بِدْعَةٌ، فَإِنْ صَلَّى كَانَتْ نَافِلَةً، يُسِرُّ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ زَائِدٍ.
وَاسْتَدَلَّ أبو حنيفة بِرِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يصل.