الْمُنَافِقُونَ، لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِذَلِكَ، وَلِأَخْذِ الصَّحَابَةِ بِهِ وَلِأَنَّ فِي الْأُولَى تَرْغِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَحْذِيرًا لِلْمُنَافِقِينَ.
فَإِذَا قَرَأَ فِي الْأُولَى بِسَبِّحْ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ جَازَ، وَقَدْ رَوَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْجُمْعَةِ وَالْعِيدَيْنِ. وَالْأُولَى أولى، وبما قرأ جاز.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُخَالِفَ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ فِيمَا يَقْرَأُهُ مِنَ السُّورَتَيْنِ.
وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ، لِمَا روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ إِلَّا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ " وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا.
فَأَمَّا المأمومين فأحد قوليه فيهم: أنهم ينصتون ولا يقرأون والقول الثاني: وهو الجديد أنهم يقرأون الْفَاتِحَةَ لَا غَيْرَ وَقَدْ مَضَى تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ.
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " مَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ مِنَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ إِذَا أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْجُمْعَةِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ سَلَامِهِ مِنْهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمْعَةً، لَكِنْ يُتِمُّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا بِتَحْرِيمِ الْجُمْعَةِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَجُوزُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمْعَةً إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا فِيهِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمْعَةً، وَيَجُوزَ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا فِيهِ.
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة قَدْ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا وَلَا جُمْعَةً.
فَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا ".
قَالَ: وَلِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ كَمَا أَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِ الْجُمْعَةِ مَعَ الْعَدَدِ وَبَاقِيهَا بِلَا عَدَدٍ جَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِهَا فِي الْوَقْتِ وَبِبَاقِيهَا فِي خَارِجِ الْوَقْتِ. والدلالة