: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مَرِيضٍ وَلَا مَنْ لَهُ عُذْرٌ وَإِنْ حَضَرُوهَا أَجْزَأَتْهُمْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ لِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمْعَةُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ إِلَّا امْرَأَةً أَوْ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا ".
ثُمَّ مَنْ لَا جُمْعَةَ عَلَيْهِ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ إِذَا حَضَرُوهَا: وَهُمُ الصِّبْيَانُ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمُسَافِرُونَ، وَمَنْ فِيهِمُ الرِّقُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِمْ إِذَا حَضَرُوا لِبَقَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ سَقَطَتْ عَنْهُمُ الْجُمْعَةُ وَهُوَ: الرِّقُّ، وَالْأُنُوثِيَّةُ، وَالسَّفَرُ فَإِنْ صَلَّوُا الْجُمْعَةَ سَقَطَ فَرْضُهُمْ لِأَنَّ الْمَعْذُورَ إِذَا أَتَى بِفَرْضِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ أُسْقِطَ فَرْضُهُ، كَالْمُسَافِرِ إِذَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَصَامَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجُمْعَةُ بِحُضُورِهَا وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، بِالتَّأْخِيرِ عَنْهَا: وَهُوَ الْمَرِيضُ، وَمَنْ لَهُ عُذْرٌ بِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ، أَوْ إِحْفَاظِ مَالٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِعْلُهَا عليهم إذا حضروا لزوال أعذارهم.
(مسألة)
: قال الشافعي رحمة الله تعالي: " وَلَا أُحِبُّ لِمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِالْعُذْرِ أَنْ يصلي حتى يتأخر انْصِرَافَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَمَنْ صَلَّى مِنَ الَّذِينَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُمْ وَإِنْ صَلَّى مَنْ عَلَيْهِ الْجُمْعَةُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَعَادَهَا ظُهْرًا بَعْدَ الْإِمَامِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ حُضُورِ الْجُمْعَةِ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ تَأَخَّرُوا عَنْهَا لِعُذْرٍ. وَضَرْبٌ تَأَخَّرُوا عَنْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ.
فَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهَا لِعُذْرٍ فَضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يُرْجَى زَوَالُ أَعْذَارِهِمْ: كَالْعَبْدِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ رِقِّهِ، وَالْمُسَافِرِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ سَفَرِهِ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ، فَيُخْتَارُ لَهُمْ أَنْ لَا يُصَلُّوا الظُّهْرَ إِلَّا بَعْدَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ فَحَضَرُوهَا، فَإِنْ صَلَّوُا الظُّهْرَ قَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُمْ، فَلَوْ زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْجُمْعَةُ قَائِمَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ حُضُورُهَا.
وَضَرْبٌ لَا يُرْجَى زَوَالُ أَعْذَارِهِمْ: كَالنِّسَاءِ لَا يُرْجَى لَهُنَّ زَوَالُ الْأُنُوثِيَّةِ، فَيُخْتَارُ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظهر لأول وقتها، ولا ينتظروا انْصِرَافَ الْإِمَامِ، لِيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ الْوَقْتِ.
وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ: فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ قَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، لِأَنَّ فَرْضَهُمُ الْجُمْعَةَ لَا الظُّهْرَ، فَإِنْ صَلَّوُا الظُّهْرَ بَعْدَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُمْ