الرَّكْعَةَ الْأُولَى أَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ مِنَ الثَّانِيَةِ جَازَ، وَبَنَى هَذَا الْمُسْتَخْلَفُ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ عَلَى الْجُمْعَةِ.
وَإِنِ اسْتَخْلَفَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَقَبْلَ حَدَثِهِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ لَا يكون مدركا للجمعة. وقال آخرون: وهو قال الْأَكْثَرِينَ إِنَّ اسْتِخْلَافَهُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ.
وَلَعَلَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ خَلْفَ الصَّبِيِّ الَّذِي تَصِحُّ لَهُ الْجُمْعَةُ.
وَإِذَا اسْتَخْلَفَهُ بَنَى هَذَا الْإِمَامُ عَلَى الظُّهْرِ، وَيُتِمُّ صلاته أربعا، وبنى المأمون عَلَى الْجُمْعَةِ، وَكَانُوا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ لِتَكْمُلَ صَلَاتُهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ.
: فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فَرْضًا غير الصلاة: جَازَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيهَا مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ حَدَثِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمْعَةِ: أَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَدَاءُ الْفَرْضِ مُنْفَرِدًا صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ مَنْ لَمْ يُعَلِّقْ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ الْفَرْضِ مُنْفَرِدًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ مَنْ لَمْ يُعَلِّقْ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا نُظِرَ فِي حَدَثِ الْإِمَامِ: فَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فِيهَا: فَاسْتَخْلَفَ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ حَدَثِهِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ. وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الْأُولَى: فَإِنِ اسْتَخْلَفَ مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ حَدَثِهِ لَمْ يَجُزْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ حَدَثِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَجُوزُ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَجُوزُ هُوَ: أَنَّ هَذَا الْمُحْرِمَ بَعْدَ حَدَثِهِ يَبْنِي عَلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ لَا عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَدِ اتَّفَقَ فِعْلُهُ وَفِعْلُ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ فَجَازَ اسْتِخْلَافُهُ، وَإِذَا كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَبَنَى عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ خَالَفَ فِعْلَ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ، لِأَنَّهَا لَهُ أُولَى، فَلِذَلِكَ لَمْ نُجِزْهُ.
أَوْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ حَدَثِهِ بَنَى عَلَى صَلَاةِ الْمُحْدِثِ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَقَامَ فِي مَوْضِعِ قِيَامِهِ فَجَازَ اسْتِخْلَافُهُ.
(فَصْلٌ)
: إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمْعَةَ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ أَرْبَعُونَ فَصَلَّوْا أَجْزَأَتْهُمُ الصَّلَاةُ، وَأَعَادَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ ظُهْرًا، وَفِيهَا وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ لَا تجزئهم.
فإن كانوا مع الإمام أربعين لم تجزهم الصَّلَاةُ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ، وَاسْتَأْنَفُوا الْجُمْعَةَ، لِأَنَّ فَرْضَهُمْ لَمْ يَسْقُطْ.