تَعَالَى {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] وَهَذَا إِنْ كَانَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ التَّخْيِيرَ فَهُوَ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ.
وَالْجَوَابُ الْخَامِسُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ) أَيِ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْعِتْقَ، فَعَبَّرَ عَنِ الْعِتْقِ بِالْوَلَاءِ لِحُدُوثِهِ عَنْهُ، وَاسْتِحْقَاقِهِ بِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ أَيْضًا عُدُولٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ.
وَالْجَوَابُ السَّادِسُ: وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ تَقَدَّمَ الْعَقْدَ، لِأَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ، فَلِذَلِكَ بَطَلَ، فَأَعْلَنَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِبْطَالَ حُكْمِهِ، وَفِي هَذَا الْجَوَابِ ضَعْفٌ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبْطَلَ الشَّرْطَ لِفَسَادِهِ، وَلَمْ يُبْطِلْهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لِأَزَالَ الِالْتِبَاسَ، وَلَأَبَانَ الْحُكْمَ الْمَقْصُودَ.