بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشافعي رضي الله عنه: (من أعتق شركا له في عبد وكان لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مَا عَتَقَ وَهَكَذَا رَوَى ابن عمر عن رسول الله
) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنَّمَا عِتْقُ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ مِنَ الْقُرَبِ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وما أدراك ما العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11، 12، 13] يَعْنِي عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنَ الرق.
وروي عن النبي
أَنَّهُ قَالَ: " فِي جَهَنَّمَ عَقَبَةٌ لَا يَقْتَحِمُهَا إلا من فك رقبة ".
وقال تعالى: {وإذا تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] يَعْنِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْعِتْقِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ مُنْعَمًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا أَوْجَبَهُ مِنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَفِيمَا أَوْجَبَهُ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وَفِي الْكِتَابَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْعِتْقِ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنَ النَّارِ ".
وَرَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ ".
وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَذَرَتْ أَنْ تَعْتِقَ عَشَرَةً مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَسُبِيَ قَوْمٌ مَنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَعْتِقِي الصَّمِيمَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ فَأَعْتِقِي هَؤُلَاءِ ".