وَهِيَ عِنْدَنَا مَعَ قَلِيلِ الرَّدِّ وَكَثِيرِهِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالتَّرَاضِي وَجَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَنَازَعَا فِي طَلَبِ الْأَعْلَى وَيَتَزَايَدَانِ أَوْ يَتَنَازَعَا فِي طَلَبِ الْأَدْنَى وَيَتَنَاقَصَانِ، ثُمَّ يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الْأَعْلَى وَيَرُدُّ وَمَنْ يَأْخُذُ الْأَدْنَى وَيَسْتَرِدُّ، فَتَتِمُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا بِالْمُرَاضَاةِ، وَيَبْطُلُ بِهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْوِيمِ الْقَاسِمِ، بِمَا اسْتَقَرَّ بَيْنَهُمَا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا أَوِ النُّقْصَانِ فِيهَا ثُمَّ الْخِيَارُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَنَازَعَا فِي طَلَبِ الْأَعْلَى، فَيَطْلُبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَوْ يَتَنَازَعَا فِي أَخْذِ الْأَدْنَى، فَيَطْلُبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ، وَلَا يَتَرَاضَيَا فِيهِ بِالْقُرْعَةِ، فَلَا إِجْبَارَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُقْطَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا وَتَصِيرُ الْأَرْضُ بَاقِيَةً بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ الْقَسْمُ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَنَازَعَا وَيَتَرَاضَيَا بِالْقُرْعَةِ.
فَفِي جَوَازِ الْإِقْرَاعِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ إِقْرَاعٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْقِسْمَةِ وَاعْتِبَارًا بِالْمُرَاضَاةِ.
فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْقَاسِمُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَاسِمُ مِنْ قِبَلِهِمَا ثَبَتَ لَهُمَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ خِيَارٌ. وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ مُعْتَبَرٌ بِالْفَوْرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ خِيَارُ مَجْلِسٍ يُعْتَبَرُ بِالِافْتِرَاقِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مِنْ ضُرُوبِ الْقِسْمَةِ أَنْ تُقَسَّمَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَكُونُ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ عَلَى الشَّرِكَةِ.
فَإِنْ تَنَازَعَا فِي هَذَا، وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ، لَمْ يَقَعْ فِيهِ إِجْبَارٌ وَإِنْ تَرَاضَيَا بِهِ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ دَخَلَ فِي الْأَرْضِ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ مَا كَانَا مُقِيمَيْنِ عَلَى هَذَا الِاتِّفَاقِ وَقُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا جَبْرًا بِالْقُرْعَةِ.
وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنِ الِاتِّفَاقِ زَالَتْ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَكَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى التَّرَاضِي.
والضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَسَّمَ بَيَاضُ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَيَكُونُ مَا فِيهِ الشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ.
فَفِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَرْضِ إِذَا تَمَيَّزَ بِنَاؤُهَا وَشَجَرُهَا عَنْ بَيَاضِهَا وَجْهَانِ: