فَإِنْ قَالَ: قَلَّدْتُكَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ أَوِ الْكُوفَةِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: قَلَّدْتُكَ قَضَاءَ أَيِّ بَلَدٍ شِئْتَ أَوْ أَيِّ بَلَدٍ رَضِيَكَ أَهْلُهُ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ التَّقْلِيدُ فَاسِدًا لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ وَإِذَا قَلَّدَهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ لَمْ يَخْلُ حَالُ نَوَاحِيهَا وَسَوَادِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنُصَّ عَلَى دُخُولِهِ فِي تَقْلِيدِهِ فَتَصِيرُ وِلَايَتُهُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَصْرَةِ وَجَمِيعِ نَوَاحِيهَا وَأَعْمَالِهَا الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَنُصَّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ تَقْلِيدِهِ فَتَكُونُ وِلَايَتُهُ مَقْصُورَةً عَلَى دُخُولِهِ فِي تَقْلِيدِهِ فَتَصِيرُ وِلَايَتُهُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَصْرَةِ دُونَ أَعْمَالِهَا وَنَوَاحِيهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُمْسِكَ عَنْ ذِكْرِ نَوَاحِيهَا وَأَعْمَالِهَا فَيَعْتَبِرُ حَالَ أَعْمَالِهَا، فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ فِيهَا جَارِيًا بِإِفْرَادِهَا عَنْ قَاضِي الْبَصْرَةِ لَمْ تَدْخُلْ فِي وِلَايَتِهِ وَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِضَافَتِهَا إِلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ دَخَلَتْ فِي وِلَايَتِهِ.
فَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي إِفْرَادِهَا وَإِضَافَتِهَا رُوعِيَ أَكْثَرُهَا عُرْفًا فَإِنِ اسْتَوَيَا رُوعِيَ أَقْرَبُهَا عَهْدًا فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوِ الْأَقْرَبُ إِفْرَادَهَا خَرَجَتْ مِنْ وِلَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوِ الْأَقْرَبُ إِضَافَتَهَا دَخَلَتْ في ولايته.
(التقليد العام والخاص)
:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْلِيدُ عَامًّا وَمَخْصُوصًا.
فَالْعَامُّ: أَنْ يُقَلِّدَهُ قَضَاءَ جَمِيعِ الْبَلَدِ وَالْقَضَاءَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِهِ، وَالْقَضَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ فَتَشْتَمِلُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ، فِي جَمِيعِ الْبَلَدِ وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ وَفِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ.
وَالْمَخْصُوصُ: يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا فِي بَعْضِ الْبَلَدِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا فِي بَعْضِ أَهْلِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا في بعض الأيام.
(تحديد العمل بالمكان)
:
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّقْلِيدُ مَقْصُورًا عَلَى قَضَاءِ بَعْضِ الْبَلَدِ فَيَجُوزُ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا سَوَاءٌ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى أَكْثَرِ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَقَلِّهِ وَلَوْ مَحِلَّةً مِنْ مَحَالِّهِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَعُمُّ وَيَخُصُّ.
فَإِذَا قَلَّدَهُ مِنَ الْبَصْرَةِ الْقَضَاءَ فِي جَانِبِ رَبِيعَةَ أَوِ الْقَضَاءَ فِي جَانِبِ مُضَرَ كَانَ مَقْصُورَ الْوِلَايَةِ عَلَى الْجَانِبِ الَّذِي قَلَّدَهُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْجَانِبِ الْآخَرِ قَاضٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ.