سَمُرَةَ " لَا تَطْلُبِ الْإِمَارَةَ فَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مسألة وكلت إليها ولأن الطلب تكلف وَالْإِجَابَةَ مَعُونَةٌ.
(بَذْلُ الْمَالِ عَلَى طَلَبِ الْقَضَاءِ)
:
فَإِنْ بَذَلَ عَلَى طَلَبِ الْقَضَاءِ مَالًا: انْقَسَمَ حَالُ طَلَبِهِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا لِتَعَيُّنِ فَرْضِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ أَوْ مُسْتَحِبًّا لَهُ لِيُزِيلَ جَوْرَ غَيْرِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فَبَذْلُهُ عَلَى هَذَا الطَّلَبِ مُسْتَحَبٌّ لَهُ وَقَبُولُهُ مِنْهُ مَحْظُورٌ عَلَى الْقَابِلِ لَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ مَحْظُورًا أَوْ مَكْرُوهًا فَبَذْلُهُ عَلَى هَذَا الطَّلَبِ مَحْظُورٌ وَمَكْرُوهٌ، بِحَسْبِ حَالِ الطَّلَبِ لِامْتِزَاجِهِمَا وَقَبُولُهُ مِنْهُ أَشَدُّ حَظْرًا وَتَحْرِيمًا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ مُبَاحًا فَيُعْتَبَرُ الْحُكْمُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْبَاذِلِ وَحَرُمَ عَلَى الْقَابِلِ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ " وَإِنْ كَانَ الْبَذْلُ قَبْلَ التَّقْلِيدِ حَرُمَ عَلَى الْبَاذِلِ وَالْقَابِلِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا مِنَ الرِّشَا الْمَحْظُورَةِ عَلَى بَاذِلِهَا وَقَابِلِهَا لِرِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن الراشي والمرتشي والرائش.
فالراشي باذل الرشوة وَالْمُرْتَشِي قَابِلُهَا وَالرَّائِشُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ كَانَ هَذَا الطَّالِبُ قَدْ عَدِمَ شُرُوطَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْضَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّلَبُ وَحَرُمَ عَلَى الْإِمَامِ الْإِجَابَةُ لِفَسَادِ التَّقْلِيدِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَصَارَ بِالطَّلَبِ مجروحا.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْعَمَلُ: فَيَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَى الْبَلَدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ قَاضِيًا فَيَقُولُ: قَلَّدْتُكَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ أَوْ يَقُولُ: قَلَّدْتُكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِيَكُونَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا.