أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقْضِ أَثَانِينَهُ، لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدِ اسْتَثْنَاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال الشافعي: " وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ امْرَأَةً فَهِيَ كَالرَّجُلِ وَتَقْضِي كُلَّ مَا مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ حَيْضِهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا حَيْضُهَا فِي شَهْرَيِ الْكَفَّارَةِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَتَابُعِهَا، لِأَنَّ عَادَتَهَا فِي الْحَيْضِ يمنع مِنْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِغَيْرِ حَيْضٍ، وَلِذَلِكَ لَوْ نَذَرَتْ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَمْ يَقْطَعِ الْحَيْضُ تَتَابُعَ الصِّيَامِ فِي نَذْرِهَا، كَمَا لَمْ يَقْطَعْ تَتَابُعَهُ فِي كَفَّارَتِهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ أَيَّامَ حَيْضِهَا فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ مُتَتَابِعَةً، كَمَا كَانَ عَلَيْهَا مُتَابَعَةُ الْأَدَاءِ، وَفِي وُجُوبِ قَضَائِهَا فِي صِيَامِ النَّذْرِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَقْضِي أَيَّامَ حَيْضِهَا فِي النَّذْرِ كَمَا قَضَتْهَا فِي الْكَفَّارَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا، فِي صِيَامِ النَّذْرِ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالشَّرْعِ، وَوُجُوبِ النَّذْرِ بِالشَّرْطِ.
فَأَمَّا إِذَا أَلْزَمَهَا صِيَامُ كُلِّ إِثْنَيْن بِالنَّذْرِ فَحَاضَتْ فِي يَوْمِ الِإِثْنَيْن فَهِيَ بِالْحَيْضِ مُفْطِرَةٌ، لَا يُجْزِئُهَا إِمْسَاكُهَا فِيهِ عَنِ النَّذْرِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْحَيْضِ مَعْصِيَةٌ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهَا قَضَاءَهُ عَنْ نَذْرِهَا، كَمَا كَانَ عَلَيْهَا قَضَاءُ أَيَّامِ حَيْضِهَا فِي فَرْضِ رَمَضَانَ، لِيَكُونَ حُكْمُ النَّذْرِ مَحْمُولًا عَلَى مُوجَبِ الشَّرْعِ، وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلًا آخَرَ إنَّهَا لَا تَقْضِيهِ كَمَا لَا تَقْضِي إِذَا صَادَفَ أَيَّامَ الْعِيدِ، وَالتَّشْرِيقِ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ وَتَحْرِيمَ الْحَيْضِ خَاصٌّ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا فَافْتَرَقَا.
(مَسْأَلَةٌ:)
قال الشافعي: " وَلَوْ قَالَتْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِي فَلَا يَلْزَمُهَا شيءٌ لِأَنَّهَا نَذَرَتْ مَعْصِيَةً (قال المزني) رحمه الله هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يَقْضِيَ نَذْرَ معصيةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، لَا يَنْعَقِدُ بِهِ نَذْرٌ، وَلَا يَلْزَمُ بِهِ قَضَاءٌ كَالنَّذْرِ فِي صِيَامِ الْأَيَّامِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَدْ وَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَيَّامِ الْحَيْضِ وَإِنْ خَالَفَ فِي أَيَّامِ التَّحْرِيمِ، وَحَدِيثُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ " عَامٌّ فِي الْأَمْرَيْنِ.
وَلَوْ نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ اسْتِحَاضَتِهَا كَانَ نَذْرًا صَحِيحًا لِإِبَاحَةِ الصِّيَامِ فِي الِاسْتِحَاضَةِ، وَإِنْ حَرُمَ فِي الْحَيْضِ، وَلَوْ نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ نِفَاسِهَا، لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ