والحال الثانية: أنه يُصِيبَ بِعُرْضِ السَّهْمِ، فَيُرَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ مُصِيبًا وَلَا مُخْطِئًا؛ لِأَنَّهُ أَصَابَ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُصِيبَ بِكَسْرِ الْقِدْحِ دُونَ النَّصْلِ، فَيُرَدَّ، وَلَا يُحْتَسَبُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُصِيبَ بِكَسْرِ النَّصْلِ، فينر، فَإِنْ وَقَعَتِ الْإِصَابَةُ مِنْ كَسْرِ النَّصْلِ بِالطَّرَفِ الَّذِي فِيهِ حَدِيدَةُ النَّصْلِ، احْتُسِبَ بِهِ مُصِيبًا، لِأَنَّهُ أَصَابَ بِمَحَلِّ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ أَصَابَ مِنْهُ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ الْمُتَّصِلِ بِقِدْحِ الْفُوقِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا، وَلَا مُخْطِئًا، لِأَنَّهُ أَصَابَ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ.
وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُصِيبَ بِالْكَسْرَيْنِ مَعًا، فَلَا يُحْتَسَبَ بِكَسْرِ الْقِدْحِ، وَيَكُونُ الِاحْتِسَابُ بِكَسْرِ النَّصْلِ مُعْتَبَرًا بِمَا ذَكَرْنَا إِنْ كَانَ بِطَرَفِ الْحَدِيدَةِ كَانَ مُصِيبًا، وَإِنْ كَانَ بِطَرَفِهِ الآخر كان مردوداً.
قال الشافعي: " وإن كان في الشن نبلٌ فأصاب سهمه فُوقَ سهمٍ فِي الشَّنِّ لَمْ يُحْسَبْ وَرُدَّ عَلَيْهِ وَرُمِيَ بِهِ لِأَنَّهُ عارضٌ دُونَ الشَّنِّ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فُوقَ السَّهْمِ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي فِي طَرَفِهِ لِمَوْقِعِ الْوَتَرِ، فَإِذَا ثَبَتَ سَهْمٌ فِي الشَّنِّ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ سَهْمُ هَذَا عَلَى فُوقِ السَّهْمِ الَّذِي فِي الْهَدَفِ، فَلِلسَّهْمِ الثَّابِتِ فِي الْهَدَفِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَدْخُلَ مِنْهُ فِي الْهَدَفِ قَدْرَ نَصْلِهِ، وَيَكُونَ بَاقِي طُولِهِ خَارِجًا، فَلَا يُحْتَسَبَ لِهَذَا بِسَهْمِهِ لَا مُخْطِئًا، وَلَا مُصِيبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ الْهَدَفِ، فَصَارَ مُقَصِّرًا، فَلَمْ يعتد به مصيباً، ولا مخطئاً، ومنعه طائل، فَلَمْ يَصِرْ مُخْطِئًا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّهْمُ الثَّابِتُ فِي الْهَدَفِ قَدْ دَخَلَ جَمِيعُهُ فِي الْهَدَفِ حَتَّى غَاصَ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعُ فُوقِهِ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا السَّهْمُ، فَيُنْظَرُ فِي الْإِصَابَةِ: فَإِنْ كَانَتْ قَرْعًا احْتُسِبَ بِهَذَا السَّهْمِ مُصِيبًا لِوُصُولِ السَّهْمِ إِلَى مَحَلِّ الْإِصَابَةِ مِنَ الْهَدَفِ، وَإِنْ كَانَتِ الْإِصَابَةُ خَسْقًا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا وَلَا مُخْطِئًا إِلَّا إِنْ ثَبَتَ نَصْلُهُ مِنْ فُوقِ ذَلِكَ السَّهْمِ، فَيُحْتَسَبُ بِهِ مُصِيبًا فِي الْخَسْقِ؛ لِأَنَّ مَا خَسَقَ الْخَشَبَ، وَثَبَتَ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ يَخْسَقَ الشَّنَّ، وَيَثْبُتَ فِيهِ، وَأَحْسَنُ مَا تَكُونُ الْإِصَابَةُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
(نُصِيبُ بِبَعْضِهَا أَفْوَاقَ بعضٍ ... فلولا الكسر لاتصلت مصيبا)
(مسألة:)
قال الشافعي: " وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْتَبِقُ أَنْ يَجْلِسَ وَلَا يَرْمِيَ وَلِلْمُسْبَقِ فضلٌ أَوْ لَا فَضْلَ لَهُ فَسَوَاءٌ وقد يكون له الفضل فنيضل ويكون عليه الفضل وينضل والرماة