غَاصِبٍ أَوْ جَانٍ فَلَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ أَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ، وَفِي ضَمَانِ الْمُضَحِّي لِمَا زَادَ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَ ثَمَنَ أُضْحِيَّتِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدِ الْتَزَمَ أُضْحِيَّةً فَلَزِمَهُ إِكْمَالُهَا فَيَصِيرُ بِالِالْتِزَامِ ضَامِنًا لَا بِالتَّلَفِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَمَامُ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ فَيَضْمَنُ وَقَدْ قَامَ مِنْ إِيجَابِهَا بِمَا الْتَزَمَ فَلَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ لَمْ يَضْمَنْ بِالْمَوْتِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَخْلُو الْقِيمَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ مِنْ خَمْسةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مِنْ جِنْسِ تِلْكَ الْأُضْحِيَّةِ مَا يَكُونُ أُضْحِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ دُونَ التَّالِفَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَتْلَفَ ثَنِيَّةً مِنَ الضَّأْنِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا جَذَعًا مِنَ الضَّأْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا ثَنِيَّةً مِنَ الْمَعْزِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُتْلِفِ فَكَانَتْ أَحَقَّ.
والحال الثانية: أن يكون ثمناً لدون الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ أَوِ الثَّنِيَّةِ مِنَ الْمَعْزِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا ثَنِيَّةً مِنَ الْمَعْزِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَهِيَ أَوْلَى مِنْ أَقَلَّ مِنَ الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا لِأَنَّ الثَّنِيَّةَ مِنَ الْمَعْزِ أضحية ودون الجزع ليس بأضحية.
والحال الثالثة: أن يُمْكِنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا دُونَ الْجَذَعِ مِمَّا يَكُونُ أُضْحِيَّةً أَوْ سَهْمًا شَائِعًا فِي أُضْحِيَّةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مَا كِيلَ مِنْ دُونِ الْجَذَعِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ شِرَاءِ سَهْمٍ وجذع تام؛ لأنها قَدِ اسْتَوَيَا فِي أَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ أُضْحِيَّةً وَاخْتَصَّ مَا دُونَ الْجَذَعِ بِإِرَاقَةِ دَمٍ كَامِلٍ.
والحال الرابعة: أن يُمْكِنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سَهْمًا شَائِعًا فِي أُضْحِيَّةٍ أَوْ لَحْمًا وَيَشْتَرِيَ بِهَا سَهْمًا فِي أُضْحِيَّةٍ وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ لَحْمًا، لِأَنَّ فِي السَّهْمِ الشَّائِعِ إِرَاقَةَ دَمٍ وَلَيْسَ فِي اللَّحْمِ ذَلِكَ، وَخَالَفَ الزِّيَادَةَ حَيْثُ اشْتَرَى بِهَا فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ لَحْمًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ إِرَاقَةِ الدَّمِ وَهَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ قَبْلَهَا إِرَاقَةُ دَمٍ.
وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ لَا يُمْكِنَ أن يشري بِهَا حَيَوَانًا وَلَا سَهْمًا مِنْهُ، وَيُمْكِنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا لَحْمًا أَوْ يُفَرِّقَهَا وَرَقًا، فَيَجِبُ أَنْ يَشْرِيَ بِهَا لَحْمًا وَلَا يُفَرِّقَهَا وَرَقًا بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ هُوَ مَقْصُودُ الْأُضْحِيَّةِ وَقَدْ وَجَدَ فِي الزِّيَادَةِ مَقْصُودَهَا فَجَازَ أَنْ يُفَرِّقَ وَرَقًا، وَلَمْ يُوجَدْ فِي النُّقْصَانِ مَقْصُودُهَا فَوَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَ لَحْمًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. الْقَوْلُ فِي ذَبْحِ ولد الأضحية الواجبة
قال الشافعي: " فَإِنْ وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ ذُبِحَ مَعَهَا وَلَدُهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ أَوْ كَانَتْ حَائِلًا