الحاوي الكبير (صفحة 6962)

أَحَدُهُمَا: فِي أَمْثَالِهَا، وَلَا يَعْدِلُ عَنْ مِثْلِهَا إِلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ مَصْرِفَ جَمِيعِهَا وَاحِدٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَصْرِفُهُ فِيمَا هُوَ الْأَحُظُّ لِأَهْلِ الضَّحَايَا مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ حُصُولِ الْمِثْلِ كَالِابْتِدَاءِ بِالْأُضْحِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ نُظِرَ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ ثَمَنًا لِلْأُضْحِيَّةِ كَامِلَةً أَوْ أُضْحِيَّتَيْنِ اشْتَرَى بِهَا مَا أَمْكَنَ مِنَ الضَّحَايَا الْكَامِلَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا، وَإِنْ نَقَصَتِ الزِّيَادَةُ عَنْ ثَمَنِ أُضْحِيَّةٍ كَامِلَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأُضْحِيَّةِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي مُرَادِهِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سَهْمًا مِنْ أُضْحِيَّةٍ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا لَحْمًا لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِي الْحَيَوَانِ، فَعَدَلَ بِهِ إِلَى اللَّحْمِ الْمَقْصُودِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: تَصَرَّفَ زِيَادَةَ دَرَاهِمَ بِحَالِهَا؛ لِأَنَّهَا تُلَافِي التَّصَرُّفَ أَصْلًا، فَجَازَ فِيهِ مِنَ الْقِيمَةِ مَا لَمْ يجز في الأصل، كمن وجبت عليه جزعة فِي الذَّكَاةِ فَأَعْطَى قِيمَتَهَا لَمْ تَجُزْ؛ وَلَوْ أَعْطَى عَنْهَا حِقَّةً وَدَفَعَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا عَنْ نَقْصِ الْحَقِّ أَجْزَأَ.

فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي سَهْمٍ مِنْ أُضْحِيَّةٍ كَانَ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ كَأَهْلِ الضَّحَايَا.

وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا أَوْ يَصْرِفُهُ وَرَقًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الضَّحَايَا وَيَكُونُ فِيهِ بِمَثَابَتِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْفُقَرَاءُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِيهِ كَمَا لَوْ عَطِبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ مِنَ الْهَدْيِ ذَبَحَهَا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ لَوْ سَلِمَتْ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا حَسْمًا لِلتهْمَةِ كَذَلِكَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ.

(فَصْلٌ:)

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ أُضْحِيَّتِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي قَدْ ضَمِنَهَا إِمَّا مُنْفَرِدًا بِضَمَانِهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا، وَإِمَّا مُشْتَرِكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْقِيمَةِ، وَيَشْرِيَ بِهِ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا، فَإِذَا عَجَزَتِ الْقِيمَةُ ضَمِنَ الْمِثْلَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ قَدْ تَفَرَّدَ بِضَمَانِهَا أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ الْمُضَحِّي مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015